المعاهدات والمواثيق المعقودة بينهم وبين خصومهم من الناس. وهذا هو الذي يجعل من التقوى حركة روحيّة في الداخل ، تفرض على الإنسان الالتزام بكلمته وموقفه ، بعيدا عن صفة الطرف الآخر الذي يكون الالتزام لمصلحته من حيث كونه مسلما أو غير مسلم ، لأن القضية هي قضية أخلاقيته في نفسه ، لا في انعكاسها على الآخرين أو في استحقاقهم لها من ناحية ذاتية. وهذا هو الذي يحقق للآخرين الحماية في المجتمع الإسلامي ، لأن الإسلام يريد لهم أن يتحركوا من خطّة ثابتة ، لا من تصرّفات متحركة خاضعة لردود الفعل الطارئة في المشاعر والأفكار ، وذلك بأن يكون الأساس هو ردّ الاعتداء ومواجهته ، بطريقة دفاعيّة أو وقائيّة.
* * *
مشاعر المشركين تجاه المؤمنين
(كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ) في الحالات التي يجدون في أنفسهم القوّة على المسلمين ، فيها جمونهم ويتغلبون عليهم ، (لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلا ذِمَّةً) في ما ينظرون فيه إلى المسلمين من خطورة على أوضاعهم وامتيازاتهم ، فيعملون على أساس انتهاز الفرص التي تتيح لهم اللعب على الظروف الطارئة ، والمتغيّرات الجديدة ، في ما تمثّله سياسة اللف والدوران وحركة النفاق في الحياة (يُرْضُونَكُمْ بِأَفْواهِهِمْ) في ما يثيرونه أمامكم من الأساليب الخادعة ، وما يوجهونه إليكم من الكلام المزوّق المزخرف الخادع الذي يظهرون لكم فيه الإخلاص والمحبة (وَتَأْبى قُلُوبُهُمْ) التي تحمل الحقد والعداوة (وَأَكْثَرُهُمْ فاسِقُونَ) في ما يمثله نقض العهد من فسق عمليّ ، يعيشه كل واحد منهم في