العلاقات الإنسانية مع الآخرين ، بطريقة معقّدة سلبيّة ، ترى كل الحق لنفسها ، في ما تريده من امتيازات ، وتواجه الآخرين بالواجبات في ما تفرضه عليهم من مسئوليات ، وتأخذ حريتها في فرض المواقع عليهم ، بكل ما يتمثل في ذلك من إذلال واضطهاد.
(اشْتَرَوْا بِآياتِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً) فلم يحترموا عهدهم ، بل حاولوا أن يستغلّوا ذلك في الحصول على مكاسب ذاتية ، وباعوا آيات الله بثمن قليل ، فلم يقبلوا عليها بالإيمان بها والعمل على هديها ، ليربحوا بذلك خير الدنيا والآخرة ، بل استبدلوا بها الأطماع والشهوات الآنيّة التي لا بقاء لها ولا امتداد ، على كل صعيد ، وساروا على نهج ساداتهم من المترفين والمستكبرين الذين لا يريدون لأنفسهم ولأتباعهم إلا الضلال ، ليحققوا بذلك لأنفسهم شهواتها ، وليحصلوا على المتاع القليل في الدنيا ، فضلّوا وأضلّوا وتمرّدوا على الأنبياء والمصلحين (فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ) وأقاموا الحواجز المادية والمعنوية في كل موقع من مواقعهم ، ليمنعوا الناس عن الانطلاق بعيدا في السير مع الرسالات الإلهية التي يلتقون فيها بالله في وحيه ورحمته ورضوانه ، (إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) وأيّ إساءة أعظم من العمل على تشوية شخصية الإنسان من الداخل ، بتزوير فكره ، وتحريف منهجه ، وبلبلة عواطفه ، وإرباك مسيرته ، ثم الانطلاق مع مسيرة الكفر والضلال بكل قوّة غاشمة ، لمنع الحياة من أن تتكامل في أجواء الإيمان والخير والصلاح من أجل أن تصل إلى الله من أقرب طريق.
* * *