والإسلام ، ولذلك فقد أفسح لهم المجال ليتفهموا ويتعلموا ويناقشوا ما أشكل عليهم من أمور العقيدة والدين الجديد ، فجعل للرسول وللمسلمين معه ، أو من بعده ، أن يجيروا المشرك الذي يطلب الأمان من أجل أن يسمع كلام الله ، فإذا انتهت المهمّة التثقيفيّة ـ إن صحّ التعبير ـ فعلى المسلمين أن يبلغوه مواقع الأمان التي يملك فيها حرية الحركة ، وحرّية القرار ، ثم يكون حاله بعد ذلك حال المشركين الذين يصرّون على الشرك أو الذين ينتقلون إلى خط الإيمان ، وهذا هو ما أثاره الله في هذه الآية.
* * *
إبلاغ المأمن لسماع كلام الله
(وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ) بعد مضي الأشهر الأربعة ليسمع دعوة الإسلام من خلال الوحي ، وحجّة الرسالة من خلال الحوار (فَأَجِرْهُ) ولا تعرض له بسوء ، لأن ذلك هو أحد أهداف الإسلام في إعلان البراءة ، في ما يريده من تحطيم الحواجز النفسية التي تحول بين المشركين وبين الانفتاح على الإسلام كدعوة ومنهج حياة. فإذا استجاب أحدهم إلى ذلك ، فلا بد من التجاوب معه (حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ) لأن ذلك هو ما يدعو إليه الله عباده ، بأن يسمعوا كلامه ويتأملوا فيه ليعرفوا سبيل الهداية ومفتاح الإيمان.
ولعل من البديهيّ أن نقرّر في هذا المجال أن مجرد السماع وحده لا يكفي في إقامة الحجة ، إذا احتاج السامع إلى المزيد من الإيضاح والمناقشة والتفكير ، ولذلك فإننا نفهم من سماع كلام الله ، المعنى الذي يحقق للسامع كل عناصر القناعة الفكرية بحيث لا يبقى لديه شيء يريد أن يسأل عنه أو يستوضحه ، فإذا لم يذعن بعد ذلك ، كان متمرّدا أو جاحدا بلا أساس ، لأنّ