العابدين الحامدين السائحين الراكعين الساجدين الآمرين بالمعروف والنّاهين عن المنكر الحافظين لحدود الله ، كنموذج للمؤمنين الذين يتحرك الإيمان في داخلهم رفضا لكل الاتجاهات المضادّة ، وانسجاما مع كل حركة الخط المستقيم في الحياة الذي يلتقي بالسلبيّة في جانب ، وبالإيجابية في جانب آخر.
كما تحدّث الله عن الثلاثة الذين خلّفوا ورجعوا إلى الله بالتوبة ، فتاب عليهم ، وعن توبة الله على النبي والمهاجرين والأنصار من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ، كما تحدث عن الذين لا يعيشون روح التوبة من المنافقين الذين في قلوبهم مرض وماتوا وهم كافرون ، وعن الذين لا يريدون أن يستغفروا أو يستغفر لهم رسول الله تمرّدا وتعنّتا واستكبارا ، فلا يغفر الله لهم.
وهكذا كان ختام السورة توبة خالصة لله في مواجهة كل حالات الإعراض التي يعيشها الكافرون والمنافقون ، ليعلن النبيّ من خلال ذلك بأنّ الله حسبه ، لا إله إلا هو ، عليه التوكل ، وهو رب العرش العظيم.
* * *
سبب تسميتها براءة
وقد أطلق عليها اسم براءة ، وذلك من خلال افتتاحيتها التي تمثلت بهذا الحدث البارز الذي واجه به الله ورسوله المشركين ، بالبراءة منهم ومقاطعتهم والإعلان لهم بتحريم الحج عليهم وإخراجهم من دار الإسلام ، وذلك للإيحاء بأن السورة تتضمن الدعوة إلى هذه البراءة ، لا من هذه الجماعة من المشركين فحسب ، بل من كل النماذج من الكافرين والمنافقين الذين يواجهون الإسلام