لهؤلاء في شعورهم العدائي للمسلمين ، وفي سلوكهم النفاقي في علاقاتهم بهم ، وفي خطواتهم العملية للصدّ عن سبيل الله ، الأمر الذي يحقق لهم في المعاهدة فرصة للتقدم في اتّجاه أهدافهم العدوانية ، ويجعل من التعايش بينهم وبين المسلمين شيئا لا معنى له في حركة الواقع.
* * *
شروط العهد مع المشركين
(كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ) وللعهد شروطه العملية ، ودلالاته النفسية ، وخلفياته الفكرية ، مما يفرض الإخلاص في الالتزام ، والصدق في الكلمة ، والطهر في المشاعر ، ليوفّر للموقف سلامته وثباته ، لتستمر الحياة المشتركة على هذه الأسس التي تمنع من الخيانة وتدفع إلى الوفاء ، وتوحي بالأمن والطمأنينة ، وهذا ما لم يتوافر للعهد بين المسلمين وبين فريق من المشركين ، في ما يوحي به الواقع النفسي والعملي لهؤلاء ، ولهذا جاءت هذه الفقرة من الآية بأسلوب التعجب والاستنكار ، لتثير الانطباع بأن القضية غير واقعية من حيث المبدأ والتفاصيل : (إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) الذين لم تظهر منهم أيّة بادرة سلبيّة ضد الوفاء بالعهد (فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ) في التزامهم بشروط المعاهدة نصّا وروحا (فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ) في الوفاء بالتزاماتكم ، لأنّ على المسلم أن يفي بعهده ، فلا يكون هو البادئ بالنقض ، لأن ذلك يتنافى مع الروحيّة الإيمانية التي يتصف بها في أخلاقه وأفعاله ، (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) الذين يخافون الله ويراقبونه في أقوالهم وأفعالهم ، في الوقوف عند حدود الله التي يريدهم أن يقفوا عندها ولا يتعدّوها ، وفي مقدمة ذلك الوفاء بالعهد للموفين بعهدهم ، لأن النقض في مثل هذه الحالات ، يوحي بفقدان الثقة بالمسلمين في علاقتهم بالآخرين في نطاق