(ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ) وهي رحمته التي تجلب الطمأنينة والسكون والهدوء إلى النفس ، حتى تشعر بالراحة والاستقرار (عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ) بعد حالة الخوف والفزع ، فرجعوا إليهم وقاتلوهم ، بما عاشوه من القوّة الروحيّة الجديدة التي وهبها الله لهم ، فتحوّلت إلى قوّة في الموقف (وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها) من الملائكة ، وهو ما ذكرته كتب التفسير ، وما توحي به أجواء الآية (وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا) وذلك بما عانوه من القتل والأسر وسبي الأولاد والنساء (وَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ) المتمردين على الله ورسوله (ثُمَّ يَتُوبُ اللهُ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عَلى مَنْ يَشاءُ) ، ممن يرجع إلى الإيمان بعد الكفر ، وإلى الطاعة بعد المعصية ، وإلى الاستقامة بعد الانحراف ، لأن الله قد فتح للناس باب التوبة والإنابة ليرجعوا إليه بعد المعصية ، في عملية تقويم للموقف وتصحيح للفكر ، وعودة للإيمان ، وانتصار على الضعف ، وهو العالم بالذين يستحقون المغفرة والرحمة ، لأنه المطلع على دواخلهم وتاريخهم العملي (وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
* * *