عليهمالسلام ، وكتب التواريخ شاهدة بأن حال كتب العهد العتيق قبل حادثة بخت نصّر كان أبتر ، وبعد حادثته ما بقي لها غير الاسم. ولو لم يدوّن عزرا عليهالسلام هذه الكتب مرة أخرى لم توجد في زمانه فضلا عن الزمان الآخر. وهذا الأمر مسلّم عند أهل الكتاب أيضا في السفر الذي هو منسوب إلى عزرا. وفرقة بروتستنت لا يعترفون بأنه سماوي. لكن مع ذلك الاعتقاد لا تنحطّ رتبته عن كتب المؤرّخين المسيحيين عندهم وقع هكذا «أحرق التوراة وما كان أحد يعلّمه ، وقيل : إن عزرا جمع ما فيه مرة أخرى بإعانة روح المقدس» انتهى. وقال كليمنس إسكندريانوس : «إن الكتب السماوية ضاعت فألهم عزرا أن يكتبها مرة أخرى». انتهى. وقال ترتولين : «المشهور ان عزرا كتب مجموع الكتب بعد ما أعار أهل بابل بروشالم». انتهى. وقال تهيوفلكت : «إن الكتب المقدسة انعدمت رأسا فأوجدها عزرا مرة أخرى بإلهام». انتهى. وقال جان ملز كاتلك في الصفحة ١١٥ من كتابه الذي طبع في بلدة دربي سنة ١٨٤٣ : «اتفق أهل العلم على أن نسخة التوراة الأصلية ، وكذا نسخ كتب العهد العتيق ، ضاعت من أيدي عسكر بخت نصّر. ولمّا ظهرت نقولها الصحيحة بواسطة عزرا ضاعت تلك النقول أيضا في حالة أنتيوكس». انتهى كلامه بقدر الحاجة. إذا علمت هذه الأقوال فارجع إلى كلام المفسّر المذكور. وأقول يظهر للّبيب هاهنا سبعة أمور :
الأمر الأول : إن هذا التوراة المتداول الآن ليس التوراة الذي ألهم به موسى عليهالسلام أولا ، ثم بعد انعدامه كتبه عزرا عليهالسلام بالإلهام مرة أخرى. وإلّا لرجع إليه عزرا عليهالسلام وما خالفه ونقل على حسبه وما اعتمد على الأوراق الناقصة التي لم يقدر على التمييز بين الغلط والصحيح منها. وإن قالوا إنه هو ، لكنه أيضا كان منقولا عن النّسخ الناقصة التي حصلت له ولم يقدر حين التحرير على التمييز بينها ، كما لم يقدر هاهنا بين الأوراق الناقصة. فقلت على هذا التقدير لا يكون التوراة معتمدا ، وإن كان ناقله عزرا عليهالسلام. الأمر الثاني : إنه إذا غلط عزرا في هذا السفر ، مع أن الرسولين الآخرين كانا معينين له في تأليف هذا السفر ، فيجوز صدور الغلط منه في الكتب الأخر أيضا. فلا بأس لو أنكر أحد شيئا من هذه الكتب ، إذا كان ذلك الشيء مخالفا للبراهين القطعية أو مصادما للبداهة. مثل أن ينكر ما وقع في الباب التاسع عشر من سفر التكوين من أن لوطا عليهالسلام زنى بابنتيه ، والعياذ بالله تعالى ، وحملتا من أبيهما ، وتولد لهما ابنان هما أبو الموآبيّين والعمانيين. وما وقع في الباب الحادي والعشرين من سفر صموئيل الأول من أن داود عليهالسلام زنى بامرأة أوريا وحملت بالزنا منه فقتل زوجها بالحيلة وتصرّف فيها. وما وقع في الباب الحادي عشر من سفر الملوك الأول أن سليمان عليهالسلام ارتدّ في آخر عمره بترغيب أزواجه وعبد الأصنام وبنى لها معابد وسقط من نظر الله. وأمثال هذه القصص التي تقشعرّ منها جلود أهل الإيمان