ويكذّبها البرهان. الأمر الثالث : إن الشيء إذا صار محرّفا فليس بضروري أن يزول ذلك التحريف بتوجّه النبيّ الذي بعده ، وأن يخبر الله تعالى عن المواضع المحرّفة البتّة ، ولا جرت عليه العادة الإلهية. الأمر الرابع : إن علماء بروتستنت ادّعوا أن الأنبياء والحواريين ، وإن لم يكونوا معصومين عن الذنوب والخطأ والنسيان ، لكنهم معصومون في التبليغ والتحرير. فكل شيء بلغوه أو حرّروه فهو مصون عن الخطأ والسّهو والنسيان. أقول ما ادّعوه لا أصل له من كتبهم ، وإلّا لم صار تحرير عزرا عليهالسلام ، مع كون الرسولين عليهمالسلام معيّنين له ، غير مصون عن الخطأ؟ الأمر الخامس : إنه لا يلهم النبي في بعض الأحيان في بعض الأمور ، مع كون الإلهام محتاجا إليه ، لأن عزرا عليهالسلام لم يلهم مع كونه محتاجا إلى الإلهام في ذلك الأمر. الأمر السادس : إنه ظهر صدق دعوى أهل الإسلام بأنّا لا نسلّم أن كل ما اندرج في هذه الكتب فهو إلهامي ومن جانب الله ، لأن الغلط لا يصلح أن يكون إلهاميّا ومن جانب الله ، وهو يوجد في هذه الكتب بلا ريب ، كما عرفت آنفا وفي الشواهد السابقة ، وستعرف في الشواهد اللاحقة أيضا إن شاء الله تعالى. الأمر السابع : إنه إذا لم يكن عزرا عليهالسلام مصونا عن الخطأ في التحرير فكيف يكون مرقس ولوقا الإنجيليان اللذان ليسا من الحواريين أيضا مصونين عن الخطأ في التحرير؟ لأن عزرا عليهالسلام عند أهل الكتاب نبيّ ذو إلهام ، وكان النبيّان ذوا الإلهام معينين له في التحرير. ومرقس ولوقا ليسا بنبيّين ذوي إلهام بل عندنا متّى ويوحنّا ليسا كذلك ، وإن كان زعم المسيحيين من فرقة بروتستنت بخلافه. وكلام هؤلاء الأربعة الإنجيليين مملوء من الأغلاط والاختلافات الفاحشة.
الشاهد السابع عشر : قال آدم كلارك في المجلد الثاني من تفسيره ذيل الآية التاسعة والعشرين من الباب الثامن من السفر الأول من أخبار الأيام : «في هذا الباب من هذه الآية إلى الآية الثامنة والثلاثين ، وفي الباب التاسع من الآية الخامسة والثلاثين إلى الآية الرابعة والأربعين ، توجد أسماء مختلفة. وقال علماء اليهود إن عزرا وجد كتابين توجد فيهما هذه الفقرات مع شيء من اختلاف الأسماء ، ولم يحصل له تميّز بأن أيّهما أحسن فنقلهما». انتهى كلامه. ولك أن تقول هاهنا كما مرّ في الشاهد المتقدّم.
الشاهد الثامن عشر : في الباب الثالث عشر من السفر الثاني من أخبار الأيام وقع في الآية الثالثة لفظ أربعمائة ألف في تعداد عسكر آبياه ، ولفظ ثمانمائة ألف في تعداد عسكر يربعام ، وفي الآية السابعة عشر لفظ خمسمائة ألف في تعداد المقتولين من عسكر يربعام. ولمّا كانت هذه الأعداد بالنسبة إلى هؤلاء الملوك مخالفة للقياس ، غيّرت في أكثر نسخ الترجمة اللّاطينية إلى أربعين ألفا في الموضع الأول ، وثمانين ألفا في الموضع الثاني ، وخمسين ألفا في الموضع الثالث. ورضي المفسّرون بهذا التغيير. قال هورن في المجلد