أشعياء عليهالسلام نقل أولا أقوالا كثيرة وردّها وجرّحها ثم قال : «إني متحيّر ما ذا أفعل في هذه المشكلات ، غير أن أضع بين يدي الناظر أحد الأمرين ، إما أن يعتقد بأن اليهود حرّفوا هذا الموضع في المتن العبراني والترجمة اليونانية تحريفا قصديا ، كما هو المظنون بالظن القوي في المواضع الأخر المنقولة في العهد الجديد عن العهد العتيق ، انظروا كتاب أوون من الفصل السادس إلى الفصل التاسع في حق الترجمة اليونانية ، وإما أن يعتقد أن بولس ما نقل عن ذلك الكتاب ، بل نقل عن كتاب أو كتابين من الكتب الجعليّة ، أعني معراج أشعياء ومشاهدات إيلياء اللذين وجدت هذه الفقرة فيهما. وظن البعض أن الحواري نقل عن الكتب الجعليّة ، ولعلّ الناس لا يقبلون الاحتمال الأول بسهولة. فأنبّه الناظرين تنبيها بليغا على أن جيروم عدّ الاحتمال الثاني أسوأ من الإلحاد». انتهى كلامه.
الشاهد الثالث والعشرون إلى الشاهد الثامن والعشرين : قال هورن في المجلد الثاني من تفسيره : «يعلم أن المتن العبري في الفقرات المفصّلة الذيل محرّف. ١ ـ الآية الأولى من الباب الثالث من كتاب ملاخيا. ٢ ـ الآية الثانية من الباب الخامس من كتاب ميخا. ٣ ـ من الآية الثامنة إلى الآية الحادية عشرة من الزبور السادس عشر. ٤ ـ الآية الحادية عشرة والثانية عشرة من الباب التاسع من كتاب عاموس. ٥ ـ من الآية السادسة إلى الثامنة من الزبور الأربعين. ٦ ـ الآية الرابعة من الزبور العاشر بعد المائة». فأقرّ محقّقهم بالتحريف في هذه المواضع في الآيات ، ووجّه إقراره. الموضع الأول نقله متّى في الآية العاشرة من الباب الحادي عشر من إنجيله ، وما نقله يخالف كلام ملاخيا المنقول في المتن العبراني والتراجم القديمة بوجهين : الأول : إن لفظ (أمام وجهك) في هذه الجملة (ها أنا ذا أرسل ملكي أمام وجهك) زائد في منقول متّى ، لا يوجد في كلام ملاخيا. والثاني : إنه وقع في منقوله (ليوطئ السبيل قدّامك) وفي كلام ملاخيا (ليوطئ السبيل قدّامي) ، وقال هورن في الحاشية : «ولا يمكن أن يبيّن سبب المخالفة بسهولة ، غير أن النّسخ القديمة وقع فيها تحريف ما». انتهى كلامه. وأن الموضع الثاني نقله متّى أيضا في الآية السادسة من الباب الثاني من إنجيله وبينهما مخالفة. وان الموضع الثالث نقله لوقا في الآية الخامسة والعشرين إلى الثمانية والعشرين من الباب الثاني من كتاب أعمال الحواريين ، وبينهما مخالفة. وان الموضع الرابع نقله لوقا في الآية السادسة عشر والسابعة عشر من الباب الخامس عشر من كتاب أعمال الحواريين ، وبينهما مخالفة. وان الموضع الخامس نقله بولس في الآية الخامسة إلى السابعة في رسالته إلى العبرانيين ، وبينهما مخالفة. وأما حال الموضع السادس فلم يتّضح لي حق الاتّضاح ، لكن هورن لمّا كان من المحقّقين المعتبرين عندهم فإقراره يكفي حجّة عليهم.
الشاهد التاسع والعشرون : في الآية الثامنة من الباب الحادي والعشرين من كتاب