زكريا. فلا يصحّ لفظ زكريا أيضا بدون إقرار التحريف في إحدى العبارتين. وأوردت هذا الشاهد هاهنا على زعم الذين ينسبون هذا اللفظ إلى زيادة الكاتب. ولمّا فرغت من بيان غلط متّى ، ناسب أن أبيّن ما اعترف به مستر جو ويل ووارد من غلط مرقس. فأقول عبارة إنجيله في الباب الثاني هكذا : «٢٥ فقال لهم ألم تقرءوا ما فعله داود لمّا احتاج وجاع هو ومن معه كيف دخل بيت الله أيام كاهن الكهنة أبيثار وأكل خبز التّقدمة الذي لا يجوز أكله لغير الكهنة وكيف أعطى الذين كانوا معه أيضا». فلفظ أبيثار غلط كما اعترفا به ، وكذلك هاتان الجملتان (وجاع هو ومن معه ، وكيف أعطى الذين كانوا معه أيضا) لأن داود عليهالسلام كان منفردا في هذا الوقت ، ولم يكن أحد معه ، كما لا يخفى على من طالع سفر صموئيل الأول. وإذا ثبت أن الجملتين المذكورتين غلطان في إنجيل مرقس ، ثبت أن ما وقع مثلهما في إنجيل متّى ولوقا غلط أيضا. في إنجيل متّى في الباب الثاني عشر هكذا «٣ فقال لهم : ألم تقرءوا ما فعل داود لمّا جاع هو ومن معه كيف دخل بيت الله وأكل خبز التّقدمة الذي أكله لا يحلّ له ولا لمن كان معه بل للكهنة فقط». وفي إنجيل لوقا في الباب السادس هكذا «٤ فقال عيسى لهم وهو يحاورهم : أما قرأتم ما فعل داود لمّا جاع هو والذين كانوا معه ٥ كيف دخل بيت الله وأخذ خبز التّقدمة الذي لا يجوز أكله إلّا للكهنة فقط وأكله وأعطى من معه أيضا». ففي نقل هذا القول المسيحي وقع سبعة أغلاط في الأناجيل الثلاثة. فإن نسبوا هذه السبعة إلى الكاتبين كانوا مقرّين بالتحريف في سبعة مواضع ، وهذا وإن كان خلاف الظاهر لا يضرّنا أيضا.
الشاهد الثلاثون : الآية الخامسة والثلاثون من الباب السابع والعشرين من إنجيل متّى هكذا : «فصلبوه واقتسموا بقرع القرعة لباسه ليكمل قول النبيّ حيث قال : إنهم اقتسموا لباسي واقترعوا على قميصي» فهذه العبارة (ليكمل قول النبيّ حيث قال : اقتسموا لباسي واقترعوا على قميصي) محرّفة واجبة الحذف عند محقّقيهم. ولذلك حذفها كريسباخ ، وأثبت هورن بالأدلة القاطعة في الصفحة ٣٣٠ و ٣٣١ من المجلد الثاني من تفسيره أنها إلحاقيّة ثم قال : «لقد استحسن كريسباخ في تركها بعد ما ثبت عنده أنها كذبة قطعا». وقال آدم كلارك في المجلد الخامس من تفسيره في ذيل الآية المذكورة : «لا بدّ من ترك هذه العبارة لأنها ليست جزءا من المتن. وتركها النّسخ الصحيحة ، وكذا تركها التراجم إلّا شذوذا ، وكذا تركها غير المحصورين من القدماء. وهذه إلحاقيّة صريحة أخذت من الآية الرابعة والعشرين من الباب التاسع عشر من إنجيل يوحنّا».
الشاهد الحادي والثلاثون : وقع في الباب الخامس من رسالة يوحنّا الأولى هكذا : «٧ لأن الذين يشهدون في السماء ثلاثة وهم الأب والكلمة والروح القدس وهؤلاء الثلاثة واحدة ٨ والشهود الذين يشهدون في الأرض ثلاثة وهم الروح والماء والدم وهؤلاء الثلاثة تتّحد في