الصالح. الآية التاسعة والثلاثون من الباب الخامس عشر من إنجيل مرقس هكذا : «ولما رأى قائد المائة الواقف مقابله أنه صرّح هكذا وأسلم الروح قال حقا كان هذا الإنسان ابن الله». ونقل لوقا قول القائد في الآية السابعة والأربعين من الباب الثالث والعشرين من إنجيله هكذا : «بالحقيقة كان هذا الإنسان بارا». ففي إنجيل مرقس لفظ ابن الله وفي إنجيل لوقا بدله لفظ البار واستعمل مثل هذا اللفظ في حق الصالح غير المسيح أيضا ، كما استعمل مثل ابن إبليس في حق الطالح في الباب الخامس من إنجيل متّى هكذا : «طوبى لصانعي السلام لأنهم أبناء الله يدّعون ٤٤ وأما أنا فأقول لكم أحبوا أعداءكم باركوا لاعنيكم وأحسنوا إلى مبغضيكم وصلوا لأجل الذين يسبونكم ٤٥ لكي تكونوا أبناء أبيكم الذي في السموات» فأطلق عيسى عليهالسلام على صانعي السلام والصلح وعلى العاملين بالأعمال المذكورة لفظ أبناء الله وعلى الله لفظ الأب بالنسبة إليهم. وفي الباب الثامن من إنجيل يوحنا في المكالمة التي وقعت بين اليهود والمسيح هكذا : «٤١ أنتم تعملون أعمال أبيكم. فقالوا له إننا لم نولد من زنا لنا أب واحد وهو الله ٤٢ فقال لهم يسوع لو كان الله أباكم لكنتم تحبونني إلخ ٤٤ أنتم من أب هو إبليس وشهوات أبيكم تريدون أن تعملوا ذاك كان قتالا للناس في البدء ولم يثبت في الحق لأنه ليس فيه حق متى تكلم بالكذب فإنما يتكلم مما له لأنه كذاب وأبو الكذب». فاليهود ادّعوا أن لنا أبا واحدا وهو الله ، وقال المسيح عليهالسلام لا بل أبوكم الشيطان. وظاهر أن الله والشيطان ليس أبا لهم بالمعنى الحقيقي. فلا بدّ من الحمل على المعنى المجازي ، فغرض اليهود نحن صالحون ومطيعون لأمر الله ، وغرض المسيح عليهالسلام أنكم لستم كذلك بل أنتم طالحون مطيعون للشيطان. وفي الباب الثالث من الرسالة الأولى ليوحنا هكذا : «٩ كل من هو مولود من الله لا يفعل خطيئة لأن زرعه يثبت فيه ولا يستطيع أن يخطئ لأنه مولود من الله ١٠ بهذا أولاد الله طاهرون وأولاد إبليس إلخ. وفي الآية السابعة من الباب الرابع من الرسالة المذكورة «وكل من يحب فقد ولد من الله». وفي الباب الخامس من الرسالة المذكورة «كل من يؤمن أن يسوع هو المسيح فقد ولد من الله ، وكل من يحب الوالد يحب المولود منه أيضا ٢ بهذا نعرف أننا نحب أولاد الله إذا أحببنا الله وحفظنا وصاياه». والآية الرابعة عشر من الباب الثامن من الرسالة الرومية هكذا : «لأن كل الذين ينقادون بروح الله فأولئك هم أبناء الله». وفي الباب الثاني من رسالة بولس إلى أهل فيلبس هكذا : «افعلوا كل شيء بلا دمدمة ولا مجادلة ١٥ لكي تكونوا بلا لوم وبسطاء أولاد الله بلا عيب». ودلالة هذه الأقوال ، على ما قلت ، غير خفيّة وإذا لم يفهم من إطلاق لفظ الله ومثله الألوهية ، كما عرفت في الأمر الرابع من المقدمة ، فكيف يفهم من لفظ ابن الله ومثله؟ سيما إذا لاحظنا كثرة وقوع المجاز في كتب العهد العتيق والجديد ، كما عرفت في المقدمة ، وسيما إذا لاحظنا أن