ونحوهما. والمشهور ، ما كان في عصر الصحابة كأخبار الآحاد ثم اشتهر في عصر التابعين أو عصر تبع التابعين ، وتلقته الأمة بالقبول في أحد العصرين الأخيرين ، فصار كالمتواتر ، كالرجم في باب الزنا. وخبر الواحد ما نقله واحد عن واحد ، أو واحد عن جماعة ، أو جماعة عن واحد. والمتواتر منها يوجب العلم القطعي ، ويكون إنكاره كفرا. والمشهور يوجب علم الطمأنينة ، ويكون إنكاره بدعة وفسقا. وخبر الواحد لا يوجب أحد العلمين المذكورين ، ويعتبر في العمل لا في إثبات العقائد وأصول الدين ، وإذا خالف الدليل القطعي ، عقليا كان أو نقليا ، يؤول إن أمكن التأويل ، وإلا يترك ولا يعمل به ويعمل بالدليل القطعي. والفرق بين الحديث الصحيح والقرآن بثلاثة أوجه : الأول : ان القرآن كله منقول بالتواتر ، كما نزل على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وما بدّل ناقلوه لفظا بلفظ آخر مرادف له ، بخلاف الحديث الصحيح لأن نقله بالمعنى أيضا كان جائزا للناقل الثقة الماهر بلغة العرب وأسلوب كلامهم. والثاني : ان القرآن لما كان كله متواترا يلزم الكفر بإنكار جملة منه أيضا ، بخلاف الحديث الصحيح فإنه لا يلزم الكفر إلا بإنكار قسم منه ، وهو المتواتر دون المشهور وخبر الواحد. والثالث : ان الأحكام تتعلق بألفاظ القرآن ونظمه أيضا ، كصحة الصلاة وكون عبارته معجزة ، بخلاف الحديث ، فإنه لا تتعلق الأحكام بألفاظه. وإذا عرفت ما ذكرت في الفوائد الثلاثة تحقق لك أنه لا يلزم من اعتبارنا الحديث الصحيح بالطريق المذكور شيء من القبائح والاستبعادات.