ذكرناه. لأن القرآن معجزة النبوّة ومأخذ العلوم الشرعية والأحكام الدينية ، وعلماء المسلمين قد بلغوا في حفظه وعنايته الغاية حتى عرفوا كل شيء فيه من إعرابه وقراءته وحروفه وآياته. فكيف يجوز أن يكون مغيرا أو منقوصا مع العناية الصادقة والضبط الشديد». انتهى. / ٤ / وقال القاضي نور الله الشوشتري الذي هو من علمائهم المشهورين في كتابه المسمى بمصائب النواصب «ما نسب إليه الشيعة الامامية بوقوع التغير في القرآن ليس مما قال به جمهور الامامية ، إنما قال به شرذمة قليلة منهم لا اعتداد بهم فيما بينهم». انتهى. / ٥ / وقال الملا صادق في شرح الكليني : «يظهر القرآن بهذا الترتيب عند ظهور الإمام الثاني عشر ويشهر به». انتهى. / ٦ / وقال محمد بن الحسن الحر العاملي الذي هو من كبار المحدثين في الفرقة الإمامية في رسالة كتبها في ردّ بعض معاصريه (هركسيكه تتبع أخبار وتفحص تواريخ وآثار نموده بعلم يقيني مى داند كه قرآن در غايت وأعلى درجه تواتر بوده وآلاف صحابة حفظ ونقل ميكردند آن را در عهد رسول خذا صلىاللهعليهوسلم مجموع ومؤلف بود». انتهى. فظهر أن المذهب المحقق عند علماء الفرقة الإمامية الاثني عشرية أن القرآن الذي أنزله الله على نبيّه هو ما بين الدفتين وهو ما في أيدي الناس ليس بأكثر من ذلك وأنه كان مجموعا مؤلفا في عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وحفظه ونقله ألوف من الصحابة وجماعة من الصحابة كعبد الله بن مسعود وأبيّ بن كعب وغيرهما ختموا القرآن على النبيّ عدة ختمات. ويظهر القرآن ويشهر بهذا الترتيب عند ظهور الإمام الثاني عشر رضي الله عنه ، والشرذمة القليلة التي قالت بوقوع التغير فقولهم مردود ولا اعتداد بهم فيما بينهم. وبعض الأخبار الضعيفة التي رويت في مذهبهم لا يرجع بمثلها عن المعلوم المقطوع على صحته ، وهو حق. لأن خبر الواحد إذا اقتضى علما ولم يوجد في الأدلة القاطعة ما يدلّ عليه ، وجب رده ، على ما صرّح ابن المطهر الحلي في كتابه المسمى بمبادىء الوصول إلى علم الأصول. وقد قال الله تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) [الحجر : ٩]. في تفسير الصراط المستقيم الذي هو تفسير معتبر عند علماء الشيعة : «أي إنا لحافظون له من التحريف والتبديل والزيادة والنقصان». انتهى.
وإذا عرفت هذا ، فأقول ان القرآن ناطق بأن الصحابة الكبار رضي الله عنهم لم يصدر عنهم شيء يوجب الكفر ويخرجهم عن الإيمان :
١ ـ قال الله تعالى في سورة التوبة : (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [التوبة : ١٠٠]. فقال الله في حق السابقين الأوّلين من المهاجرين والأنصار أربعة أمور : الأول : رضوانه عنهم. والثاني : رضوانهم عنه. والثالث :