المستبعد كاذبا ، فهذا أيضا يكون كاذبا. فكيف تعتقدونه؟ فبهت القسيس.
٢ ـ قال الله تعالى : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ) [القمر : ١ ـ ٢]. أخبر الله بوقوع الانشقاق بلفظ الماضي ، فيجب تحقّقه. وحمله على معنى سينشق بعيد لأربعة أوجه : الأول : ان قراءة حذيفة وقد انشق القمر وهي صريحة في الزمان الماضي ، والأصل توافق القراءتين. والثاني : ان الله أخبر بإعراضهم عن آياته ، والإعراض الحقيقي عنها لا يتصوّر قبل وقوعها. والثالث : ان المفسرين المشهورين صرّحوا بأن انشق بمعناه ورد ، وأقول من قال بمعنى سينشق. والرابع : ان الأحاديث الصحيحة تدلّ على وقوعه قطعا. ولذلك قال شارح المواقف : «وهذا متواتر قد رواه جمع كثير من الصحابة كابن مسعود وغيره». انتهى كلامه. وقال العلّامة أبو نصر عبد الوهاب ابن الإمام علي بن عبد الكافي بن تمام الأنصاري السبكي في شرحه لمختصر ابن الحاجب في الأصول : «والصحيح عندي أن انشقاق القمر متواتر منصوص عليه في القرآن مروي في الصحيحين وغيرهما». انتهى كلامه. وأقوى شبهات المنكرين أن الأجرام العلوية لا يتأتّى فيها الخرق والالتئام ، وأن هذا الانشقاق لو وقع لم يخف على أهل الأرض كلها ، ونقله مؤرخو العالم. والجواب أن هذه الشبهة ضعيفة جدا نقلا وعقلا. أما نقلا ، فلسبعة أوجه.
الوجه الأول : ان حادثة طوفان نوح عليهالسلام كانت ممتدة إلى سنة وفني فيه كل ذي حياة من الطيور والبهائم والحشرات والإنسان غير أهل السفينة ، وما نجا من الإنسان غير ثمانية أشخاص ، على ما هو مصرّح به في الباب السابع والثامن من سفر التكوين. وفي الآية العشرين من الباب الثالث من الرسالة الأولى لبطرس هكذا : «في أيام نوح إذ كان الفلك يبنى الذي فيه خلص قليلون أي ثمانية أنفس بالماء». والآية الخامسة من الباب الثاني من رسالته الثانية هكذا : «ولم يشفق على العالم القديم ، بل إنما حفظ نوحا ثامنا كارزا للبر إذ جلب طوفانا على عالم الفجار». وما مضت على هذه الحادثة مدّة إلى هذا اليوم على زعم أهل الكتاب إلا مقدار أربعة آلاف ومائتين واثنتي عشرة سنة شمسية. ولا يوجد هذا الحال في تواريخ مشركي الهند وكتبهم ، وهم ينكرون هذا الأمر إنكارا بليغا ، ويستهزىء به علماؤهم كافة ، ويقولون لو قطع النظر عن الزمان السالف ونظر إلى زمان كرشن الأوتار الذي كان قبل هذا اليوم بمقدار أربعة آلاف وتسعمائة وستين سنة على شهادة كتبهم ، لا مجال لصحة هذه الحادثة العامة. لأن الأمصار العظيمة الكثرة من ذلك العهد إلى هذا الحين مغمورة ، وثبت بشهادة تواريخهم أنه يوجد من ذلك الحدّ إلى هذا الحين في إقليم الهند مليونات كثيرة في كل زمان من الأزمنة ويدعون أن حال زمان كرشن لوجود كثرة التواريخ كحال أمس. وقال ابن