خلدون في المجلد الثاني من تاريخه : «واعلم أن الفرس والهند لا يعرفون الطوفان وبعض الفرس يقولون كان ببابل فقط». انتهى كلامه بلفظه. وقال العلّامة تقي الدين أحمد بن علي بن عبد القادر بن محمد المعروف بالمقريزي في المجلد الأول من كتابه المسمى بكتاب المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار : «الفرس وسائر المجوس والكلدانيون أهل بابل والهند وأهل الصين وأصناف الأمم المشرقية ينكرون الطوفان ، وأقرّ به بعض الفرس. لكنهم قالوا لم يكن الطوفان بسوى الشام والمغرب ولم يعم العمران كله ولا غرق إلا بعض الناس ولم يجاوز عقبة حلوان ولا بلغ إلى ممالك المشرق». انتهى كلامه بلفظه. وأبناء صنف القسيسين ينكرون هذا الطوفان ويستهزءون به. وانقل كلام جان كلارك الملحد عن رسالته الثالثة المندرجة في كتابه المطبوع سنة ١٨٣٩ في ليدس فقال في الصفحة ٥٤ : «هذا ـ يعني الطوفان ـ غير صحيح على شهادة علم الفلسفة. وأنا أتعجب أمات الحيتان في ماء هذا الطوفان؟ ولما كان بحكم الآية الخامسة من الباب السادس من سفر التكوين أفكار قلوب الإنسان ذميمة ، فلما ذا أبقى الله ثمانية أشخاص؟ لم لم يخلق الإنسان مرة أخرى بعد إهلاك الكل؟ ولما ذا أبقى بضاعته القديمة التي بقيت الأفكار الذميمة باقية بسببها؟ لأن الشجرة الرديئة لا تثمر ثمرة جيدة ، كما قال متّى في الآية السادسة عشر من الباب السابع. هل يجتنون من الشكوك عنبا أو من الحسك تينا؟ ونوح كان شارب الخمر وبهيمة وظالما ـ والعياذ بالله ـ كما يفهم من الآية ٢١ و ٢٥ من الباب التاسع من سفر التكوين ، فكيف يرجى منه أن يكون نسله صالحا؟ وانظروا أنه لم يكن صالحا كما يظهر من الآية الثانية من الباب الثاني من رسالة بولس إلى أهل أفسيس ، والآية الثالثة من الباب الثالث من رسالته إلى تيطس ، والآية الثالثة من الباب الرابع من الرسالة الأولى لبطرس والآية الخامسة من الزبور الحادي والخمسين». انتهى كلامه. ثم استهزأ في هذه الصفحة ٩٣ استهزاء بليغا جاوز الحدّ في إساءة الأدب. فلا أرضى بنقل كلامه القبيح.
الوجه الثاني : في الباب العاشر من كتاب يوشع على وفق الترجمة العربية المطبوعة سنة ١٨٤٤ هكذا : «٢ حينئذ تكلم يسوع أمام الرب في اليوم الذي دفع الأموري في يدي بني إسرائيل ، وقال أمامهم : أيتها الشمس مقابل جبعون لا تتحركي ، والقمر مقابل قاع يلون ١٣ فوقف الشمس والقمر حتى انتقم الشعب من أعدائهم. أليس هذا مكتوبا في سفر الأبرار؟ فوقفت الشمس في كبد السماء ولم تكن تعجل إلى الغروب يوما تاما». وفي الباب الرابع من الحصة الثالثة من كتاب تحقيق الدين الحق المطبوع سنة ١٨٤٦ في الصفحة ٣٦٢ هكذا : «أما غربت الشمس بدعاء يوشع إلى أربع وعشرين ساعة؟» انتهى كلامه. وهذه الحادثة عظيمة. وكانت على زعم المسيحيين قبل ميلاد المسيح بألف وأربعمائة وخمسين سنة. فلو وقعت