لظهرت على الكل ، ولا يمنع السحاب الغليظ علمه أيضا وهو ظاهر ، ولا اختلاف الآفاق. لأنا لو فرضنا أن بعض الأمكنة كان فيها الليل في هذا الوقت لأجل الاختلاف ، فلا بدّ أن تظهر لامتداد ليلهم بقدر أربع وعشرين ساعة. وهذه الحادثة العظيمة ليست مكتوبة في كتب تواريخ أهل الهند ولا أهل الصين ولا الفرس. وأنا سمعت من علماء مشركي الهند تكذيبها ، وهم يجزمون بأنها غلط يقينا. وأبناء صنف القسيسين يكذبونها ويستهزءون بها ، وأوردوا عليها اعتراضات : الاعتراض الأول : ان قول يوشع (أيتها الشمس ، لا تتحركي) وقوله (فوقفت الشمس) يدلان على أن الشمس متحركة والأرض ساكنة. وإلا كان عليه أن يقول : أيتها الأرض لا تتحركي ، فوقفت الأرض. وهذا الأمر باطل بحكم علم الهيئة الجديد الذي يعتمد عليه حكماء أوروبا كلهم الآن ، ويعتقدون ببطلان القديم. لعلّ يوشع ما كان يعلم هذه الحال أو هذه القصة كاذبة. والاعتراض الثاني : ان قوله (فوقفت الشمس في كبد السماء) يدل على أن هذا الوقت كان نصف النهار. وهذا مخدوش أيضا بوجوه : أما أولا : فلأن بني إسرائيل كانوا قتلوا من المخالفين ألوفا وهزموهم ، ولما هربوا أمطر الرب عليهم حجارة كبارا من السماء. وكان الذين ماتوا بالحجارة أكثر من الذين قتلهم بنو إسرائيل. وهذه الأمور حصلت قبل نصف النهار ، على ما هو مصرّح به في الباب. فلا وجه لاضطراب يوشع عليهالسلام في هذا الوقت ، لأن المظفرين من بني إسرائيل كانوا كثيرين جدا ، والباقون من المخالفين قليلين جدا ، وكان الباقي من النهار مقدار النصف ، فقتلهم قبل الغروب كان في غاية السهولة. وأما ثانيا : فلأن الوقت ، لما كان نصف النهار ، فكيف رأوا القمر في هذا الوقت؟ على أن توقيفه لغو على قواعد الفلسفة. وأما ثالثا : فلأن الوقت ، لما كان نصف النهار وكان بنو إسرائيل مشتغلين بالمحاربة والاضطراب وما كان لهم شك في المقدار الباقي من النهار وما كانت الساعات عندهم في ذلك الزمان ، فكيف علموا أن الشمس قامت ذلك الزمان ، فكيف علموا أن الشمس قامت على دائرة نصف النهار بمقدار اثنتي عشرة ساعة ، وما مالت إلى هذه المدة إلى جانب المغرب؟ والاعتراض الثالث : قال جان كلارك : «إن الله كان وعد أن جميع أيام الأرض زرع وحصاد ، برد وحر ، صيف وشتاء ، ليل ونهار ، لا تهدأ ، كما هو مصرّح به في الآية الثانية والعشرين من الباب الثامن من سفر التكوين. فإذا لم تغرب الشمس إلى المدة المذكورة هدأ الليل في ذلك الوقت.
الوجه الثالث : في الآية الثامنة من الباب الثامن والثلاثين من بيان رجوع الشمس بمعجزة أشعيا هكذا : «فرجعت الشمس عشر درجات في المراقي التي كانت قد انحدرت. وهذه الحادثة عظيمة. ولما كانت في النهار فلا بدّ أن تظهر لأكثر أهل العالم. وكانت قبل ميلاد المسيح بسبعمائة وثلاث عشرة سنة شمسية. وهذه الحادثة ليست مكتوبة في تواريخ أهل