المعنى في الآيات التي هي في آخر هذه السورة. ولأجل ذلك فسّر بعض المفسرين منهم القاضي البيضاوي وغيره لفظ الساعة بمعنى القيامة ، وقالوا ان من علامات يوم القيامة ، بحكم هذه الآية ، هذه العلامة أيضا أن القمر سينشق». انتهى كلامه. فادّعى أمرين : الأول : ان الصحيح على قاعدة التفسير أن يكون انشق بمعنى سينشق. والثاني : ان بعض المفسرين ، منهم القاضي البيضاوي وغيره ، فسروه هكذا. وكلاهما غلطان. أما الأول فلأن انشق صيغة ماض ، وحمله على معنى سينشق مجاز. ولا يصار إلى المجاز ما لم يتعذر الحمل على الحقيقة. وهاهنا لم يتعذر ، بل يجب الحمل على معناه الحقيقي ، كما عرفت آنفا. وأما الثاني فلأنه بهتان صرف على البيضاوي ، وهو ما فسّر انشق بينشق ، بل فسّر بمعناه الماضي. لكنه بعد ما فسّر على مختاره ، نقل قول البعض بصيغة التمريض ، ثم ردّ قوله. فهذا القول مردود عنده. ولما اعترض صاحب الاستفسار على مؤلف الميزان على العبارة المذكورة وقال : «إن القسيس إما غالط أو مغلط للعوام». تنبه المؤلف المذكور وغير هذه العبارة في النسخة الجديدة الفارسية المطبوعة سنة ١٨٤٩ ، ونسخة أردو المطبوعة سنة ١٨٥٠ ، وقال : «لفظ الساعة المعروف باللام في حالة الافراد جاء في كل موضع من القرآن بمعنى يوم القيامة. وجملة انشق القمر بسبب واو العطف ألحقت بجملة اقتربت الساعة ، وتوجد في كل من الجملتين صيغة الماضي. فكما أن الفعل الأول اقتربت بمعنى المستقبل يعني سيجيء يوم القيامة ، فكذا الفعل الثاني انشق أيضا بمعنى سينشق. يعني إذا جاء يوم القيامة ينشق القمر. وبعض العلماء المفسرين أيضا فسّروا هكذا مثل الزمخشري والبيضاوي ، وإن اعتقدا في تفسيرهما أن هذه الآية معجزة محمد صلىاللهعليهوسلم ، لكنهما صرّحا هكذا أيضا. وعن بعض الناس أن معناه ينشق يوم القيامة ، وفي قراءة حذيفة وقد انشق القمر أي اقتربت الساعة. وقد حصل من آيات اقترابها أن القمر قد انشق وقال البيضاوي وقيل معناه سينشق يوم القيامة». انتهى ملخصا. فتنبه صاحب الميزان وغيّر العبارة. لكنه أعجب في تلخيص عبارة الكشاف ، حيث أسقط بعض العبارة زاعما أنها غير مفيدة ، ونقل قوله : (وفي قراءة حذيفة وقد انشق القمر) إلخ. وهذا القول لاي ناسب مقصوده ، لأنه نصّ في ثبوت المعجزة المذكورة ان قيل نقل هذا القول طردا. قلت : فحينئذ لا وجه لإسقاط بعض العبارة ، وعبارة الكشاف هكذا : «وعن بعض الناس أن معناه : ينشق يوم القيامة. وقوله : (وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر) يردّه. وكفى به ردا قراءة حذيفة (قد انشق القمر أي اقتربت الساعة). وقد حصل من آيات اقترابها أن القمر قد انشق ، كما تقول أقبل الأمير وقد جاء البشير بقدومه. وعن حذيفة أنه خطب بالمدائن ، ثم قال : ألا إن الساعة قد اقتربت ، وأن القمر قد انشق على عهد نبيّكم». انتهى كلامه بلفظه. قوله لفظ (الساعة) المعرّف باللام إلخ ، وكذا قوله جملة (انشق القمر)