بسبب واو العطف إلخ ، لا يحصل منهما مقصوده. لعلّه فهم أن لفظ الساعة ، لما كان بمعنى القيامة وانشقاق القمر من علاماته ، فلا بدّ أن يكون متصلا بها واقعا فيها. وهذا غلط نشأ من عدم التأمل. قال الله تعالى في سورة محمد : (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها) [محمّد : ١٨]. فقوله : (فقد جاء أشراطها) يدلّ على أن أشراطها قد تحققت ، لأن لفظه (قد) إذا دخلت على الماضي تكون نصا على وجود الفعل في الزمان الماضي القريب من الحال. فلذلك فسّر المفسرون هذا القول هكذا في البيضاوي : «لأنه قد ظهرت إماراتها كمبعث النبيّ وانشقاق القمر». وفي التفسير الكبير : «الأشراط العلامات. قال المفسرون هي مثل انشقاق القمر ورسالة محمّد عليهالسلام. وفي الجلالين أي علاماتها منها مبعث النبيّ صلىاللهعليهوسلم وانشقاق القمر والدخان». وعبارة الحسيني كالبيضاوي قوله ، فكما أن الفعل الأول (اقتربت) بمعنى المستقبل غلط لأنه بمعناه الماضي ، وترجمته بالفارسية يعني (روز قيامت خواهد آمد) ليست بصحيحة ، وما روي عن بعض الناس مردود عند المفسرين. ثم قال : «ولو سلمنا أن شق القمر وقع لا يكون معجزة محمد صلىاللهعليهوسلم أيضا لأنه لم يصرّح في هذه الآية ولا في آية أخرى أن هذه المعجزة ظهرت على يد محمد صلىاللهعليهوسلم». انتهى. أقول يدل على كونها معجزة الآية الثانية ، والأحاديث الصحيحة التي صحتها بحسب الضابطة العقلية زائدة على صحة هذه الأناجيل المحرفة ، المملوءة بالأغلاط والاختلافات ، المروية برواية الآحاد ، المفقود أسانيدها ، المتصلة ، كما علمت في الباب الأول والثاني. ثم قال : «ان علاقة الآية الثانية بالآية الأولى أن المنكرين يرون في آخر الزمان علامات القيامة ، ولا يؤمنون بها. بل يقولون على عادة كفار السلف أنها سحر فاحش لا غير». انتهى كلامه. وهذا أيضا غلط بوجهين : الأول : ان المنكر لا ينكر عنادا والكافر لا ينسب الأمر الخارق للعادة إلى السحر ، إلا إذا كان أحد ادّعى أن هذا الأمر الخارق من معجزاتي أو كراماتي. وإذا ظهرت علامات القيامة في آخر الزمان من غير الادعاء ، فكيف ينكرها المنكرون؟ وكيف يقولون أنها سحر فاحش لا غير؟ والثاني : ان انشقاق القمر في المستقبل لا يكون إلا في يوم القيامة خاصة ، وفي هذا اليوم لا يقول الكفار انه سحر مستمر لظهور أمر القيامة في هذا اليوم على كل أحد ، لا أن يكون أحد منهم عاقلا معاندا مثل هذا الموجه ، فلعلّه يقول بزعمه أو يتفوه بهذا القول هذا الموجه بنفسه أو أمثاله من علماء پروتستنت بعد انبعاثهم من أجداثهم لرسوخ عناد الدين المحمدي في قلوبهم. ثم قال : «لو ظهرت هذه المعجزة على يد محمد لأخبر المعاندين الذين كانوا يطلبون منه معجزة بأني شققت القمر في الوقت الفلاني فلا تكفروا». وستطلع على جوابه في الفصل الثاني على أتمّ وجه إن شاء الله. وقال صاحب وجهة الإيمان منكرا لهذه المعجزة : «عدة أشخاص من المفسرين مثل الزمخشري والبيضاوي فسروا هذا المقام