بأن القمر ينشق يوم القيامة ، ولو وقع لاشتهر في جميع العالم ، ولا معنى لاشتهاره في إقليم واحد». انتهى كلامه ملخصا. وقد ظهر لك مما ذكرنا أن كلا الأمرين ليسا بصحيحين يقينا. وهذا القسيس فاق مؤلف الميزان حيث أورد الدليل النقلي والعقلي ، وصرّح باسم الكشاف أيضا لعلّه رأى في النسخة القديمة للميزان لفظا كالبيضاوي وغيره ، فظن أن المراد بالغير الكشاف ، لأن البيضاوي له مناسبة كثيرة بالكشاف بالنسبة إلى التفاسير الأخر. فصرّح باسم الكشاف ليحصل له الفضل على مؤلف الميزان. وصاحب الكشاف قال في مبدأ تفسير هذه السورة : «انشقاق القمر من آيات رسول الله صلىاللهعليهوسلم ومن معجزاته النيرة». انتهى كلامه. وقال صاحب الرسالة التي ألفها في جواب مكتوب الفاضل نعمت علي الهندي معترضا على هذه المعجزة : «لا يثبت من هذه الآية أن هذه المعجزة صدرت عن محمد صلىاللهعليهوسلم ولا يثبت هذا الأمر من التفاسير». انتهى. وهذا الثالث ، بالخبر المنبثق من الأولين ، فاق كليهما حيث قال لا يثبت هذا الأمر من التفاسير. لعلّه اعتقد أن القسيس الأول صادق في قوله كالبيضاوي وغيره ، والقسيس الثاني صادق في قوله مثل الزمخشري والبيضاوي. ثم قال حال سائر التفاسير على هذين التفسيرين. فقال : (ولا يثبت هذا الأمر من التفاسير) ليحصل له الفضل على القسيسين الأولين ويظهر تبحّره عند قومه بأنه طالع التفاسير كلها ، فظهر أن كل لاحق من هؤلاء الثلاثة زاد على سابقه. وهذا ليس بعجيب ، لأن مثل هذا الأمر قد شاع بين المسيحيين في القرن الأول ، كما يظهر من رسائل الحواريين. وصار من المستحسنات الدينية في القرن الثاني من القرون المسيحية في الصفحة ٦٥ من المجلد الأول من تاريخه المطبوع سنة ١٨٣٢ : «كان بين متبعي رأي أفلاطون وفيثاغورس مقولة مشهورة أن الكذب والخداع لأجل أن يزداد الصدق وعبادة الله ليسا بجائزين فقط بل قابلان للتحسين ، وتعلّم أولا منهم يهود مصر هذه المقولة قبل المسيح ، كما يظهر هذا جزما من كثير من الكتب القديمة ، ثم أثر وباء هذا الغلط السوء في المسيحيين ، كما يظهر هذا الأمر من الكتب الكثيرة التي نسبت إلى الكبار كذبا». انتهى كلامه. وقال آدم كلارك في المجلد السادس من تفسيره في شرح الباب الأول من رسالة بولس إلى أهل غلاطية : «هذا الأمر محقق أن الأناجيل الكثيرة الكاذبة كانت رائجة في أول القرون المسيحية. وكثرة هذه الأحوال الكاذبة غير الصحيحة هيجت لوقا على تحرير الإنجيل. ويوجد ذكر أكثر من سبعين من هذه الأناجيل الكاذبة. والأجزاء الكثيرة من هذه الأناجيل باقية». انتهى. وإذا نسب أسلافهم أكثر من سبعين إنجيلا إلى المسيح والحواريين ومريم عليهماالسلام ، فأي عجب لو نسب هؤلاء القسوس الثلاثة لأجل تغليط عوام أهل الإسلام بعض الأمور إلى تفاسير القرآن؟ واعلم أن الرسالة الأخيرة كانت مشتهرة في الهند وكان القسيسون