يقسمونها كثيرا في بلاده ، لكن لما كتب عدة من علماء الإسلام عليها ردا واشتهر ما كتبوا تركوها وطبع ثلاثة كتب من كتب الرد عليها : الأول التحفة المسيحية لسيد الدين الهاشمي ، والثاني تأييد المسلمين لبعض أقارب مجتهد شيعة لكهنوا ، والثالث خلاصة سيف المسلمين للفاضل حيدر علي القرشي.
٣ (١) ـ في البيضاوي : «روي أنه لما طلعت قريش من العقنقل ، قال صلىاللهعليهوسلم : هذه قريش جاءت بخيلائها وفخرها يكذبون رسولك. اللهم إني أسألك ما وعدتني. فأتاه جبريل عليهالسلام وقال له : خذ قبضة من تراب فارمهم بها. فلما التقى الجمعان تناول كفا من الحصا فرمى بها في وجوههم ، وقال : شاهت الوجوه. فلم يبق مشرك إلا شغل بعينه ، فانهزموا وردفهم المؤمنون يقتلونهم ويأسرونهم. ثم لما انصرفوا أقبلوا على التفاخر ، فيقول الرجل قتلت وأسرت». انتهى وقال الله تعالى : (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى) [الأنفال : ١٧] يعني (وَما رَمَيْتَ) يا محمد رميا توصلها إلى أعينهم ولم تقدر عليه ، (إِذْ رَمَيْتَ) أي أتيت بصورة الرمي ، (وَلكِنَّ اللهَ رَمى) أتى بما هو غاية الرمي ، فأوصلها إلى أعينهم جميعا حتى انهزموا وتمكنتم من قطع دابرهم. وقال الفخر الرازي عليه الرحمة : «والأصح أن هذه الآية نزلت في يوم بدر ، وإلا لدخل في أثناء القصة كلام أجنبي عنها. وذلك لا يليق ، بل لا يبعد أن يدخل تحت سائر الوقائع لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب». انتهى كلامه. وقد عرفت في المقدمة حال ما تفوه به صاحب ميزان الحق على هذه المعجزة. فلا أعيده.
٤ ـ نبع الماء من بين أصابع النبيّ صلىاللهعليهوسلم في مواطن متعددة وهذه المعجزة أعظم من تفجر الماء من الحجر ، كما وقع لموسى عليهالسلام. فإن ذلك من عادة الحجر في الجملة. وأما من لحم ودم فلم يعهد من غيره صلىاللهعليهوسلم. عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال : «رأيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم وحانت صلاة العصر فالتمس الناس الوضوء فلم يجدوه فأتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم بوضوء ، فوضع رسول الله صلىاللهعليهوسلم في ذلك الإناء يده وأمر الناس أن يتوضئوا منه. قال فرأيت الماء ينبع من أصابعه صلىاللهعليهوسلم ، فتوضأ الناس حتى يتوضئوا عن آخرهم». وهذه المعجزة صدرت بالزوراء ، عند سوق المدينة.
__________________
(١) كان المؤلف قد نبّه في الصفحة ٣٨٨ أن الأفعال التي ظهرت من محمد صلىاللهعليهوسلم على خلاف العادة تزيد على ألف ، وطمأن أنه لن يذكرها كلها ، بل يكتفي بأربعين. فذكر الأول منها شارحا إياه معلّقا ، رادّا على منكريه. وانتقل إلى ثانيها مفصّلا ، شارحا ، مفرّعا ، مستطردا ، فأطال المقام لمقتضيات الجدل الموضوعي المدعوم بالحجة والسند والبرهان والعقل والشاهد. وها هو هنا ، يتابع إيراد هذه الأفعال فيذكر الثالث منها. وللتذكير ، فإننا ما زلنا في المسلك الأول من الفصل الأول من الباب السادس.