جبل فاران : إنزاله القرآن ، لأن فاران جبل من جبال مكة. في الباب الحادي والعشرين من سفر التكوين في حال إسماعيل عليهالسلام هكذا : «٢٠ وكان الله معه ونما وسكن في البرية وصار شابا يرمي بالسهام ٢١ وسكن برية فاران وأخذت له أمه امرأة من أرض مصر». ولا شك أن إسماعيل عليهالسلام كانت سكونته بمكة ، ولا يصح أن يراد أن النار لما ظهرت من طور سيناء ظهرت من ساعير ومن فاران أيضا فانتشرت في هذه المواضع. لأن الله لو خلق نارا في موضع لا يقال جاء الله من ذلك الموضع ، إلا إذا اتبع تلك الواقعة وحي نزل في ذلك الموضع أو عقوبة أو ما أشبه ذلك. وقد اعترفوا أن الوحي اتبع تلك في طور سيناء. فكذا لا بدّ أن يكون في ساعير وفاران.
البشارة الرابعة : في الآية العشرين من الباب السابع عشر من سفر التكوين وعد الله في حق إسماعيل عليهالسلام لإبراهيم عليهالسلام. في الترجمة العربية المطبوعة سنة ١٨٤٤ هكذا : «وعلى إسماعيل استجيب لك. هوذا أباركه وأكبره وأكثره جدا. فسيلد اثنى عشر رئيسا وأجعله لشعب كبير». وقوله أجعله لشعب كبير يشير إلى محمد صلىاللهعليهوسلم. لأنه لم يكن في ولد إسماعيل من كان شعب كبير غيره. وقد قال الله تعالى ناقلا دعاء إبراهيم وإسماعيل في حقه عليهمالسلام في كلامه المجيد أيضا : (رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [البقرة : ١٢٩]. وقال الإمام القرطبي في الفصل الأول من القسم الثاني من كتابه : «وقد تفطن بعض النبهاء ، ممن نشأ على لسان اليهود وقرأ بعض كتبهم ، فقال يخرج مما ذكر من عبارة التوراة في موضعين اسم محمد صلىاللهعليهوسلم بالعدد على ما يستعمله اليهود فيما بينهم : الأول قوله (جدا جدا) بتلك اللغة (بمادماد). وعدد هذه الحروف اثنان وتسعون. لأن الباء اثنان ، والميم أربعون ، والألف واحد ، والدال أربعة ، والميم الثانية أربعون ، والألف واحد ، والدال أربعة. وكذلك الميم من محمد أربعون ، والحاء ثمانية ، والميم أربعون ، والذال أربعة. والثاني قوله (لشعب كبير). بتلك اللغة (لغوي غدول) فاللام عندهم ثلاثون ، والغين ثلاثة لأنه عندهم في مقام الجيم إذ ليس في لغتهم جيم ولا صاد ، والواو ستة ، والياء عشرة ، والغين أيضا ثلاثة ، والدال أربعة ، والواو ستة ، واللام ثلاثون ، فمجموع هذه أيضا اثنان وتسعون». انتهى كلامه بتلخيص ما. وعبد السلام كان من أحبار اليهود ثم أسلم في عهد السلطان المرحوم بايزيدخان وصنف رسالة صغيرة سماها بالرسالة الهادية فقال فيها : «إن أكثر أدلة أحبار اليهود بحرف الجمل الكبير. وهو حرف أبجد. فإن أحبار اليهود حين بنى سليمان النبيّ عليهالسلام بيت المقدس اجتمعوا وقالوا يبقى هذا البناء أربعمائة وعشرة سنين ، ثم يعرض له الخراب لأنهم حسبوا لفظة بزات». ثم قال : «واعترضوا على هذا الدليل بأن الباء في (بمادماد) ليست من نفس الكلمة ،