في الآية الرابعة عشر من الباب السابع والثلاثين من كتاب حزقيال قول الله تعالى في خطاب ألوف من الناس الذين أحياهم بمعجزة حزقيال عليهالسلام هكذا : «فاعطي فيكم روحي». ففي هذا القول روح الله بمعنى النفس الناطقة الإنسانية ، لا بمعنى الأقنوم الثالث الذي هو عين الله على زعمهم وفي الباب الرابع من الرسالة الأولى ليوحنا هكذا ترجمة عربية سنة ١٧٦٠ : «١ أيها الأحباء لا تصدقوا كل روح بل امتحنوا الأرواح ، هل هي من الله لأن الأنبياء الكذبة كثيرون قد خرجوا إلى العالم ٢ بهذا تعرفون روح الله ، كل روح يعترف بيسوع المسيح أنه قد جاء في الجسد فهو من الله ٦ نحن من الله. فمن يعرف الله يسمع لنا ، ومن ليس من الله لا يسمع لنا. من هذا نعرف روح الحق وروح الضلال». وهذه الجملة الواقعة في الآية الثانية (بهذا تعرفون روح الله) وفي التراجم الأخر هكذا ترجمة عربية سنة ١٨٢١ وسنة ١٨٣١ وسنة ١٨٤٤ (وبهذا يعرف روح الله) ترجمة عربية سنة ١٨٢٥ (فإنكم تميزون روح الله) ولفظ (روح الله) في الآية الثانية ولفظ (روح الحق) في الآية السادسة بمعنى الواعظ الحق لا بمعنى الأقنوم الثالث. ولذلك ترجم مترجم ترجمة أردو المطبوعة سنة ١٨٤٥ لفظ (كل روح) بكل واعظ ولفظ (الأرواح) بالواعظين ، في الآية الأولى. ولفظ (روح) في الآية الثانية بالواعظ من جانب الله ، ولفظ (روح الحق) في الآية السادسة بالواعظ الصادق ، وترجم لفظ (روح الضلال) بالواعظ المضل. وليس المراد (بروح الله وروح الحق) الأقنوم الثالث الذي هو عين الله على زعمهم ، وهو ظاهر. فتفسير فارقليط بروح القدس وروح الحق لا يضرنا ، لأنهما بمعنى الواعظ الحق. كما أن لفظ (روح الحق وروح الله) بهذا المعنى في الرسالة الأولى ليوحنا فيصح إطلاقهما على محمد صلىاللهعليهوسلم بلا ريب.
الشّبهة الثانية : ان المخاطبين بضمير (كم) الحواريون. فلا بدّ أن يظهر فارقليط في عهدهم. ومحمد صلىاللهعليهوسلم لم يظهر في عهدهم. أقول هذا أيضا ليس بشيء لأن منشأه أن الحاضرين وقت الخطاب لا بدّ أن يكونوا مرادين بضمير الخطاب. وهو ليس بضروري في كل موضع ألا ترى أن قول عيسى عليهالسلام في الآية الرابعة والستين من الباب السادس والعشرين من إنجيل متى في خطاب رؤساء الكهنة والشيوخ والمجمع هكذا : «وأيضا أقول لكم من الآن تبصرون ابن الإنسان جالسا عن يمين القوة وآتيا على سحاب السماء». وهؤلاء المخاطبون قد ماتوا ، ومضت على موتهم مدة هي أزيد من ألف وثمانمائة سنة ، وما رأوه آتيا على سحاب السماء. فكما أن المراد بالمخاطبين هاهنا الموجودون من قومهم وقت نزوله من السماء ، فكذلك فيما نحن فيه المراد الذين يوجدون وقت ظهور فارقليط.
الشّبهة الثالثة : انه وقع في حق فارقليط أن العالم لا يراه ولا يعرفه وأنتم تعرفونه. وهو لا يصدق على محمد صلىاللهعليهوسلم ، لأن الناس رأوه وعرفوه. أقول هذا أيضا ليس بشيء وهم أحوج