الناس تأويلا في هذا القول بالنسبة إلينا. لأن روح القدس عين الله عندهم ، والعالم يعرف الله أكثر من معرفة محمد صلىاللهعليهوسلم. فلا بدّ أن نقول ان المراد بالمعرفة المعرفة الحقيقية الكاملة. ففي صورة التأويل لا اشتباه في صدق هذا القول على محمد صلىاللهعليهوسلم. ويكون المقصود أن العالم لا يعرفه معرفة حقيقية كاملة ، وأنتم تعرفونه معرفة حقيقية كاملة. والمراد بالرؤية المعرفة. ولذا لم يعد عيسى عليهالسلام لفظ (الرؤية) بعد لفظ (أنتم) بل قال (وأنتم تعرفونه). ولو حملنا الرؤية على الرؤية البصرية يكون نفي الرؤية محمولا على ما هو المراد في قول الإنجيلي الأول في الباب الثالث عشر من إنجيله. وأنقل عبارته عن الترجمة العربية المطبوعة سنة ١٨١٦ وسنة ١٨٢٥ : «١٣ فلذلك أضرب لهم الأمثال لأنهم ينظرون ولا يبصرون ، ويسمعون ولا يستمعون ولا يفهمون ١٤ وقد كمل فيهم تنبأ أشعيا حيث قال أنكم تستمعون سمعا ولا تفهمون ، وتنظرون نظرا ولا تبصرون». فلا إشكال أيضا. وأمثال هذين الأمرين ، وإن كانت معاني مجازية ، لكنها بمنزلة الحقيقة العرفية ، ووقعت في كلام عيسى عليهالسلام كثيرا. في الآية السابعة والعشرين من الباب الحادي عشر من إنجيل متى هكذا : «وليس أحد يعرف الابن إلا الأب ، ولا أحد يعرف الأب إلا الابن ، ومن أراد الابن أن يعلن له». وفي الآية الثامنة والعشرين من الباب السابع من إنجيل يوحنا هكذا : «الذي أرسلني حق الذي أنتم لستم تعرفون». وفي الباب الثامن من إنجيل يوحنا هكذا : «١٩ لستم تعرفوني أنا ولا أبي ، لو عرفتموني لعرفتم أبي أيضا ٥٥ ولستم تعرفونه أي الله». إلخ. وفي الآية الخامسة والعشرين من الباب السابع عشر من إنجيل يوحنا هكذا : «أيها الأب إن العالم لم يعرفك أما أنا فعرفتك». وفي الباب الرابع عشر من إنجيل يوحنا هكذا : «٧ لو كنتم قد عرفتموني لعرفتم أبي أيضا ومن الآن تعرفونه وقد رأيتموه ٨ قال له فيلبس يا سيد أرنا الأب وكفانا ٩ قال له يسوع أنا معكم زمانا هذه مدتي ولم تعرفني يا فيلبس. الذي رآني فقد رأى الأب. فكيف تقول أنت أرنا الأب». فالمراد في هذه الأقوال بالمعرفة المعرفة الكاملة وبالرؤية المعرفة. وإلا لا تصح هذه الأقوال يقينا. لأن العوام من الناس كانوا يعرفون عيسى عليهالسلام ، فضلا عن رؤساء اليهود والكهنة والمشايخ والحواريين ، ورؤية الله بالبصر في هذا العالم ممتنعة عند أهل التثليث أيضا.
الشّبهة الرابعة : انه وقع في حق فارقليط «انه مقيم عندكم وثابت فيكم». ويظهر من هذا القول أن فارقليط كان في وقت الخطاب مقيما عند الحواريين وثابتا فيهم. فكيف يصدق على محمد صلىاللهعليهوسلم؟ أقول ان هذا القول في التراجم الأخرى هكذا ترجمة عربية سنة ١٨١٦ وسنة ١٨٢٥ «لأنه مستقر معكم وسيكون فيكم». والتراجم الفارسية المطبوعة سنة ١٨١٦ وسنة ١٨٢٨ وسنة ١٨٤١ ، وترجمة اردو المطبوعة سنة ١٨١٤ وسنة ١٨٣٩ ، كلها مطابقة لهاتين