عبادة الأوثان ليست بشرط بعد النبوّة ، فضلا عن أن تكون شرطا قبل النبوّة. وإذا ظهر حال أبي الأنبياء هذا إلى سبعين سنة من عمره قبل النبوّة ، فأنقل حاله بعد النبوّة.
٤ ـ في الباب الثاني عشر من سفر التكوين هكذا : «١١ فلما قرب أن يدخل إلى مصر قال لسارة زوجته إني علمت أنك امرأة حسنة ١٢ ويكون إذا رآك المصريون فإنهم سيقولون أنها امرأته ويقتلوني ويستبقونك ١٣ والآن أرغب منك ، فقولي أنك أختي ليكون لي خير بسببك ، وتحيي نفسي من أجلك». فسبب الكذب ما كان مجرّد الخوف ، بل رجاء حصول الخير أيضا ، بل الخير كان أقوى. ولذلك قدّمه ، وقال ليكون لي خير بسببك وتحيى نفسي من أجلك. وحصل له الخير أيضا ، كما هو مصرّح به في الآية السادسة عشر ، على أن خوفه من القتل مجرد وهم ، لا سيما إذا كان راضيا بتركها ، فإنه لا وجه لخوفه بعد ذلك أصلا. وكيف يجوز العقل أن يرضى إبراهيم بترك حريمه وتسليمها ولا يدافع دونها ولا يرضى بمثله من له غيرة ما ، فكيف يرضى مثل إبراهيم الغيور؟
٥ ـ في الباب العشرين من سفر التكوين هكذا : «١ وارتحل إبراهيم من هناك إلى أرض التيمن وسكن بين قادس وسور والتجى في جرارا ٢ قال عن سارة امرأته أنها أختي ، ووجه أبي مالك ملك جرارا وأخذها ٣ فجاء الله إلى أبي مالك في الحلم بالليل ، وقال له هوذا أنت تموت من أجل الامرأة التي أخذتها انها ذات بعل ٤ ولم يكن أبو مالك قرّبها فقال يا رب أتهلك شعبا بارّا لا علم له ٥ أليس هو القائل انها أختي ، وهي قالت انه أخي». كذب هناك إبراهيم وسارة مرة ثانية. ولعلّ السبب القوي هاهنا ـ ما عدا الخوف أيضا ـ كان حصول المنفعة ، وقد حصلت ، كما هي مصرّحة بها في الآية الرابعة عشر على أنه لا وجه للخوف إذا كان راضيا بتسليمها بدون المقاتلة. في الصفحة ٩٩ من طريق الأولياء هكذا : «لعلّ إبراهيم لما أنكر كون سارة زوجة له في المرة الأولى ، عزم في قلبه أنه لا يصدر عنه مثل هذا الذنب ، لكنه وقع في شبكة الشيطان السابقة مرة أخرى بسبب الغفلة». انتهى.
٦ ـ في الصفحة ٩٢ و ٩٣ من طريق الأولياء : «لا يمكن أن يكون إبراهيم غير مذنب في نكاح هاجر. لأنه كان يعلم جيدا قول المسيح المكتوب في الإنجيل «أن الذي خلق من البدء خلقهما ذكرا وأنثى». وقال : «من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكون الاثنان جسدا واحدا». انتهى. أقول كما لا يمكن هذا ، فكذا لا يمكن أن يكون غير مذنب في نكاح سارة. لأنه كان يعلم جيدا قول موسى المكتوب في التوراة : «لا تكشف أختك من أبيك كانت أو من أمك التي ولدت في البيت أو خارجا من البيت». وكذا قوله : «أي رجل تزوّج أخته ابنة أبيه ، أو أخته ابنة أمه ، ورأى عورتها ، ورأت عورته ، فهذا عار شديد ، فيقتلان أمام