جميعه لبيوت آبائهم وعشائرهم من ابن عشرين سنة وما فوق ، ذلك كلّ الذين كان لهم استطاعة الانطلاق إلى الحروب ٤٦ ستمائة ألف وثلاثة آلاف وخمسمائة وخمسون رجلا ٤٧ واللاويّون في سبط عشائرهم ولم يعدّوا معهم» يعلم من هذه الآيات أن عدد الصالحين لمباشرة الحروب كان أزيد من ستمائة ألف ، وأن اللّاويين مطلقا ذكورا كانوا أو إناثا ، وكذلك إناث جميع الأسباط الباقية مطلقا ، وكذا ذكورهم الذين لم يبلغوا عشرين سنة ، خارجون عن هذا العدد. فلو ضممنا جميع المتروكين والمتروكات مع المعدودين لا يكون الكلّ أقلّ من ألفي ألف وخمسمائة ألف (٢٥٠٠٠٠٠). وهذا غير صحيح لوجوه :
الوجه الأول : إن عدد بني إسرائيل من الذكور والإناث حين ما دخلوا مصر كان سبعين ، كما هو مصرّح في الآية السابعة والعشرين من الباب السادس والأربعين من سفر التكوين والآية الخامسة من الباب الأول من سفر الخروج والآية الثانية والعشرين من الباب العاشر من سفر الاستثناء ، وستعرف في الشاهد الأول من المقصد الثالث من الباب الثاني أن مدّة إقامة بني إسرائيل في مصر كانت مائتين وخمس عشرة سنة لا أزيد من هذه. وقد صرّح في الباب الأول من سفر الخروج أن قبل خروجهم بمقدار ثمانين سنة أبناؤهم كانوا يقتلون وبناتهم تستحيا. وإذا عرفت الأمور الثلاثة ، أعني عددهم حين ما دخلوا مصر ومدة إقامتهم فيها وقتل أبنائهم ، فأقول : لو قطع النظر عن القتل ، وفرض أنهم كانوا يضاعفون في كل خمس وعشرين سنة ، فلا يبلغ عددهم إلى ستّة وثلاثين ألفا في المدة المذكورة ، فضلا عن أن يبلغ إلى ألفي ألف وخمسمائة ألف. ولو لوحظ القتل فامتناع العقل أظهر.
الوجه الثاني : يبعد كل البعد أنهم يكثرون من سبعين بهذه الكثرة ، ولا تكثر القبط مع راحتهم وغناهم مثل كثرتهم ، وأن سلطان مصر يظلمهم بأشنع ظلم ، وكونهم مجتمعين في موضع واحد ولا يصدر عنهم البغاوة ولا المهاجرة من دياره. والحال أن البهائم أيضا تقوم بحماية أولادهم.
الوجه الثالث : انه يعلم من الباب الثاني عشر من سفر الخروج أن بني إسرائيل كان معهم المواشي العظيمة من الغنم والبقر ، ومع ذلك صرّح في هذا السفر أنهم عبروا البحر في ليلة واحدة وأنهم كانوا يرتحلون كل يوم ، وكان يكفي لارتحالهم الأمر اللساني الذي يصدر عن موسى.
الوجه الرابع : انه لا بدّ أن يكون موضع نزولهم وسيعا جدا ، بحيث يسع كثرتهم وكثرة مواشيهم وحوالى طور سيناء ، وكذلك حوالى اثني عشر عينا في إيليم ليسا كذلك. فكيف وسع هذان الموضعان كثرتهم وكثرة مواشيهم؟