الروح الشيطاني والرحماني كان مجمع العجاب. فمن شاء فلينظر حال ظلمه وعتوه في السفر المذكور.
٣٠ ـ يهوذا الاسخريوطي كان أحد الحواريين ، وكان مستفيضا بروح القدس وممتلئا عنه صاحب الكرمات ، كما هو مصرّح به في الباب العاشر من إنجيل متى. وهذا النبيّ باع دينه بدنياه ، وسلّم عيسى عليهالسلام بأيدي اليهود بطمع ثلاثين درهما ، ثم خنق نفسه ومات ، كما هو مصرّح به في الباب السابع والعشرين من إنجيل متى وشهد يوحنا في الباب الثاني عشر من إنجيله أنه كان سارقا ، وكان الكيس عنده ، وكان يحمل ما يلقى فيه. أيكون النبيّ مثل هذا السارق البائع دينه بدنياه؟
٣١ ـ فر الحواريون الذين هم في زعمهم أفضل من موسى وسائر الأنبياء الإسرائيلية عليهمالسلام في الليلة التي أخذ اليهود فيها عيسى عليهالسلام وتركوه في أيدي الأعداء. وهذا ذنب عظيم. وإن قيل إنّ هذا الأمر ، إن صدر عنهم لجبنهم ، والجبن أمر طبعي ، أقول : لو سلّم هذا فلا عذر لهم في شيء آخر هو كان أسهل الأشياء ، وهو أن عيسى عليهالسلام كان في غاية الاضطراب في هذه الليلة ، وقال لهم ان نفسي حزينة جدا امكثوا هاهنا واسهروا معي ، ثم تقدم قليلا للصلاة ، ثم جاء إليهم فوجدهم نياما ، فقال لبطرس : أهكذا ما قدرتم أن تسهروا معي ساعة واحدة؟ اسهروا وصلوا. فمضى مرة ثانية للصلاة ، ثم جاء فوجدهم نياما ، فتركهم ومضى. ثم جاء إلى تلاميذه وقال لهم : ناموا واستريحوا ، كما هو مصرّح به في الباب السادس والعشرين من إنجيل متّى. ولو كان لهم محبة ما لما فعلوا هذا الأمر. ألا ترى أن العصاة من أهل الدنيا إذا كان مقتداهم أو قريب من أقاربهم في غاية الاضطراب أو المرض الشديد في ليلة لا ينامون في تلك الليلة ، ولو كانوا أفسق الناس؟
٣٢ ـ إن بطرس الحواري الذي هو رئيس الحواريين وخليفة عيسى عليهالسلام ، على ادعاء فرقة كاتلك ، وإن كان متساوي الأقدام في الأمر المتقدم مع الحواريين الباقين ، لكنه حصل له الفضل بأن اليهود لما أخذوا عيسى عليهالسلام تبعه من بعيد إلى دار رئيس الكهنة ، فجلس خارج الدار ، فجاءت جارية قائلة : وأنت كنت مع يسوع الجليلي. فأنكر قدام الجميع. ثم رأته أخرى وقالت للذين هناك : هذا كان مع يسوع الناصري. فأنكر أيضا يقسم أني لست أعرف هذا الرجل وبعد قليل جاء القيام وقالوا لبطرس : حقا أنت أيضا منهم. فابتدأ حينئذ يلعن ويحلف أني لا أعرف هذا الرجل. وللوقت صاح الديك فتذكر بطرس كلام عيسى عليهالسلام أنك قبل أن يصيح الديك تنكرني ثلاث مرات ، كما هو مصرّح به في الباب السادس والعشرين من إنجيل متّى. وقد قال المسيح عليهالسلام له : اذهب عني يا شيطان