نفسك فسرحها حرة. ولا تستطيع أن تبيعها بثمن ولا تقهرها. إنك قد ذليتها ١٥ وإن كان لرجل امرأتان الواحدة محبوبة والأخرى مبغوضة ، ويكون لهما منه بنون ، وكان ابن المبغوضة بكرا ١٦ وأراد أن يقسم رزقه بين أولاده ، فلا يستطيع يعمل ابن المحبوبة بكرا ويقدمه على ابن المبغوضة ١٧ ولكنه يعرف ابن المبغوضة أنه هو البكر ، ويعطيه من كل ما كان له الضعف من أجل أنه هو أول بنيه ، ولهذا تجب البكورية». فقوله : (ورأيت في جملة المسبيين) إلخ. لا تختص بمخاطب لا تكون له زوجة بل أعم ، سواء كانت له زوجة أو لم تكن ، ولا يوجد فيه التصريح أيضا بأن هذا الحكم يختص بمسبية واحدة فقط. بل الظاهر أنه إذا رأى المخاطب أزيد من واحدة وأراد أن يتخذها نساء كان له جائزا. فجاز لكل إسرائيلي أخذ نساء كثيرة. ودلالة قوله : (وإن كان لرجل امرأتان الواحدة محبوبة والأخرى مبغوضة) إلخ. على ما ادعينا ظاهرة غير محتاجة إلى البيان. فثبت أن كثرة الأزواج ما كانت محرّمة في شريعة موسى. فلذلك أخذ جدعون وداود وغيرهما من صالحي الأمة الموسوية نساء.
الأمر الثاني : الصحيح في قصة زينب رضي الله عنها أنها بنت عمة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وكانت عند مولاه زيد بن حارثة رضي الله عنه ، ثم طلقها زيد. ولما انقضت عدتها تزوج بها رسول الله صلىاللهعليهوسلم. وأنا أنقل بعض آيات سورة الأحزاب المتعلقة بهذه القصة مع عبارة التفسير الكبير وهي هكذا : (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ) وهو زيد أنعم الله عليه بالإسلام (وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ) بالتحرير والإعتاق (أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ) هم زيد بطلاق زينب ، فقال له النبيّ صلىاللهعليهوسلم : أمسك ، أي لا تطلقها (وَاتَّقِ اللهَ) قيل في الطلاق وقيل في الشكوى من زينب فإن زيدا قال فيها أنها تتكبر عليّ بسبب النسب وعدم الكفاءة (وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ) من أنك تريد التزوج بزينب (وَتَخْشَى النَّاسَ) من أن يقولوا أخذ زوجة الغير أو الابن (وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ) ليس إشارة إلى أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم خشي الناس ولم يخش الله ، بل المعنى الله أحق أن تخشاه وحده ، ولا تخش أحدا معه وأنت تخشاه وتخشى الناس أيضا ، فاجعل الخشية له وحده ، كما قال تعالى (الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللهَ). ثم قال تعالى : (فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها) أي لما طلقها زيد وانقضت عدتها ، وذلك لأن الزوجة ما دامت في نكاح الزوج فهي تدفع حاجته وهو محتاج إليها فلم يقض منها الوطر بالكلية ولم يستغن ، وكذلك إذا كانت في العدة له بها تعلّق لإمكان شغل الرحم فلم يقض منها بعد وطره. وأما إذا طلق وانقضت عدتها استغنى عنها ولم يبق له معها تعلق ، فيقضي منها الوطر. وهذا موافق لما في الشرع ، لأن التزوج بزوجة الغير أو بمعتدته لا يجوز. فلهذا قال فلما قضى. وكذلك قوله : (لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ