ليلة البدر» فقام عكاشة بن محصن فقال يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم فقال : «اللهم اجعله منهم» ثم قام رجل من الأنصار فقال يا رسول الله ادع الله تعالى أن يجعلني منهم فقالصلىاللهعليهوسلم : «سبقك بها عكاشة» (١) أخرجاه.
وقد روي هذا الحديث ـ في السبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ـ البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما وجابر بن عبد الله وعمران بن حصين وابن مسعود ورفاعة بن عرابة الجهني وأم قيس بنت محصن رضي الله عنهم ولهما عن أبي حازم عن سهل بن سعد رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال «ليدخلن الجنة من أمتي سبعون ألفا أو سبعمائة ألف آخذ بعضهم ببعض حتى يدخل أولهم وآخرهم الجنة وجوههم على صورة القمر ليلة البدر». وقال أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا إسماعيل بن عياش عن محمد بن زياد قال : سمعت أبا أمامة الباهلي رضي الله عنه يقول سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «وعدني ربي عزوجل أن يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا مع كل ألف سبعون ألفا لا حساب عليهم ولا عذاب وثلاث حثيات من حثيات ربي عزوجل» وكذا رواه الوليد بن مسلم عن صفوان بن عمرو عن سليم بن عامر عن أبي اليمان عامر بن عبد الله بن لحيّ عن أبي أمامة ورواه الطبراني عن عتبة بن عبد السلمي «ثم يشفع مع كل ألف سبعين ألفا» ويروى مثله عن ثوبان وأبي سعيد الأنماري وله شواهد من وجوه كثيرة.
وقوله تعالى : (حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ) لم يذكر الجواب هاهنا ، وتقديره حتى إذا جاءوها وكانت هذه الأمور من فتح الأبواب لهم إكراما وتعظيما وتلقتهم الملائكة الخزنة بالبشارة والسلام والثناء لا كما تلقى الزبانية الكفرة بالتثريب (٢) والتأنيب فتقديره إذا كان هذا سعدوا وطابوا وسروا وفرحوا بقدر كل ما يكون لهم فيه نعيم ، وإذا حذف الجواب هاهنا ذهب الذهن كل مذهب في الرجاء والأمل ، ومن زعم أن الواو في قوله تبارك وتعالى : (وَفُتِحَتْ أَبْوابُها) واو الثمانية واستدل به على أن أبواب الجنة ثمانية فقد أبعد النجعة وأغرق في النزع ، وإنما يستفاد كون أبواب الجنة ثمانية من الأحاديث الصحيحة.
قال الإمام أحمد (٣) : حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من أنفق زوجين من ماله في سبيل الله تعالى دعي من أبواب الجنة وللجنة أبواب ، فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة ، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة ، ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب
__________________
(١) أخرجه البخاري في الرقاق باب ٢١ ، ٥٠ ، واللباس باب ١٨ ، ومسلم في الإيمان حديث ٣٦٩ ، ٣٧٠.
(٢) التثريب : التوبيخ والتأنيث.
(٣) المسند ٢ / ٢٦٨.