عباس رضي الله عنهما وقال قتادة هو صداع الرأس ووجع البطن وعنه وعن السدي لا تغتال عقولهم كما قال الشاعر : [المتقارب]
فما زالت الكأس تغتالنا |
|
وتذهب بالأوّل الأوّل (١) |
وقال سعيد بن جبير لا مكروه فيها ولا أذى ، والصحيح قول مجاهد أنه وجع البطن ، وقوله تعالى : (وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ) قال مجاهد لا تذهب عقولهم وكذا قال ابن عباس ومحمد بن كعب والحسن وعطاء بن أبي مسلم الخراساني والسدي وغيرهم وقال الضحاك عن ابن عباس في الخمر أربع خصال السكر والصداع والقيء والبول فذكر الله خمر الجنة فنزهها عن هذه الخصال كما ذكر في سورة الصافات.
وقوله تعالى : (وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ) أي عفيفات لا ينظرن إلى غير أزواجهن كذا قال ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد وزيد بن أسلم وقتادة والسدي وغيرهم.
وقوله تبارك وتعالى : (عِينٌ) أي حسان الأعين وقيل ضخام الأعين وهو يرجع إلى الأول وهي النجلاء العيناء فوصف عيونهن بالحسن والعفة كقول زليخا في يوسف عليه الصلاة والسلام حين جملته وأخرجته على تلك النسوة فأعظمنه وأكبرنه وظنن أنه ملك من الملائكة لحسنه وبهاء منظره قالت : (فَذلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ) [يوسف: ٣٢] أي هو مع هذا الجمال عفيف تقي نقي وهكذا الحور العين (خَيْراتٌ حِسانٌ) [الرحمن: ٧٠]. ولهذا قال عزوجل : (وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ عِينٌ) وقوله جل جلاله : (كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ) وصفهن بترافة الأبدان بأحسن الألوان قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما (كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ) يقول اللؤلؤ المكنون (٢) وينشد هاهنا بيت أبي دهبل الشاعر وهو قوله في قصيدة له : [الخفيف]
وهي زهراء مثل لؤلؤة الغواص |
|
ميزت من جوهر مكنون (٣) |
وقال الحسن : (كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ) يعني محصون لم تمسه الأيدي ، وقال السدي : البيض في عشه مكنون وقال سعيد بن جبير (كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ) يعني بطن البيض وقال عطاء الخراساني هو السحاء الذي يكون بين قشرته العليا ولباب البيضة ، وقال السدي (كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ
__________________
(١) البيت بلا نسبة في لسان العرب (غول) ، والمخصص ١٧ / ٦ ، وتاج العروس (غال). وتفسير الطبري ١٠ / ٤٨٥. ويروى صدر البيت :
وما زالت الخمر تغتالنا
(٢) تفسير الطبري ١٠ / ٤٨٩.
(٣) البيت لأبي دهبل الجمحي في ديوانه ص ٦٩ ، ولسان العرب (خصر) ، (سنن) ، ولأبي دهبل أو لعبد الرحمن بن حسان في الكامل ص ٣٨٨.