ومسلم (١) والترمذي (٢) أيضا من حديث سفيان الثوري عن الأعمش عن عمارة بن عمير عن وهب بن ربيعة عن عبد الله بن مسعود بنحوه ، ورواه البخاري (٣) ومسلم (٤) أيضا من حديث السفيانين كلاهما عن منصور عن مجاهد عن أبي معمر عبد الله بن سخبرة عن ابن مسعود رضي الله عنه به.
وقال عبد الرزاق : حدثنا معمر عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده عن النبي صلىاللهعليهوسلم في قوله تعالى : (أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ) قال : «إنكم تدعون يوم القيامة مفدما على أفواهكم بالفدام فأول شيء يبين عن أحدكم فخذه وكفه» (٥) قال معمر : وتلا الحسن (وَذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ) ثم قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «قال الله تعالى أنا مع عبدي عند ظنه بي وأنا معه إذا دعاني» (٦) ثم افتر (٧) الحسن ينظر في هذا فقال : ألا إنما عمل الناس على قدر ظنونهم بربهم فأما المؤمن فأحسن الظن بربه فأحسن العمل ، وأما الكافر والمنافق فأساءا الظن بالله فأساءا العمل ثم قال : قال الله تبارك وتعالى : (وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصارُكُمْ) ـ إلى قوله ـ (وَذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ) الآية.
وقال الإمام أحمد (٨) : حدثنا النضر بن إسماعيل القاص وهو أبو المغيرة حدثنا ابن أبي ليلى عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا يموتن أحد منكم إلا وهو يحسن بالله الظن فإن قوما قد أرداهم سوء ظنهم بالله فقال الله تعالى : (وَذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ) وقوله تعالى : (فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ) أي سواء عليهم صبروا أم لم يصبروا هم في النار لا محيد لهم عنها ولا خروج لهم منها ، وإن طلبوا ان يستعتبوا ويبدوا أعذارهم فما لهم أعذار ولا تقال لهم عثرات. قال ابن جرير (٩) : ومعنى قوله تعالى : (وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا) أي يسألوا الرجعة إلى الدنيا
__________________
(١) كتاب المنافقين حديث ٨.
(٢) كتاب التفسير ، تفسير سورة ٤١ باب ٢.
(٣) كتاب التفسير ، تفسير سورة ٤١ ، باب ٢.
(٤) كتاب المنافقين حديث ٨.
(٥) أخرجه أحمد في المسند ٥ / ٤ ، ٥.
(٦) روي الحديث بطرق وأسانيد متعددة ، أخرجه البخاري في التوحيد باب ١٥ ، ٣٥ ، ومسلم في التوبة حديث ١ ، والذكر حديث ٢ ، ٩ ، والترمذي في الزهد باب ٥١ ، والدعوات باب ١٣١ ، وابن ماجة في الأدب باب ٥٨ ، وأحمد في المسند ٢ / ٢٥١ ، ٣ / ٢١٠ ، ٤ / ١٠٦.
(٧) أفتر : أي تبسم حتى بدت أسنانه من غير قهقهة.
(٨) المسند ٣ / ٣٩٠ ، ٣٩١.
(٩) تفسير الطبري ١١ / ١٠٣.