رضي الله عنهما ومجاهد وقتادة : صارت كل خلة عداوة يوم القيامة إلا المتقين.
وروى الحافظ ابن عساكر في ترجمة هشام بن أحمد عن هشام بن عبد الله بن كثير ، حدثنا أبو جعفر محمد بن الخضر بالرقة عن معافى ، حدثنا حكيم بن نافع عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لو أن رجلين تحابا في الله أحدهما بالمشرق والآخر بالمغرب لجمع الله تعالى بينهما يوم القيامة يقول هذا الذي أحببته فيّ».
وقوله تبارك وتعالى : (يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ) ثم بشرهم فقال: (الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنا وَكانُوا مُسْلِمِينَ) أي آمنت قلوبهم وبواطنهم وانقادت لشرع الله جوارحهم وظواهرهم ، قال المعتمر بن سليمان عن أبيه : إذا كان يوم القيامة فإن الناس حين يبعثون لا يبقى أحد منهم إلا فزع فينادي مناد (يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ) فيرجوها الناس كلهم ، قال : فيتبعها (الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنا وَكانُوا مُسْلِمِينَ) قال : فييأس الناس منها غير المؤمنين (١).
(ادْخُلُوا الْجَنَّةَ) أي يقال لهم ادخلوا الجنة (أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ) أي نظراؤكم (تُحْبَرُونَ) أي تتنعمون وتسعدون وقد تقدم في سورة الروم. (يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ) أي زبادي آنية الطعام (وَأَكْوابٍ) وهي آنية الشراب أي من ذهب لا خراطيم لها ولا عرى وفيها ما تشتهي الأنفس وقرأ بعضهم (تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ) أي طيب الطعام والريح وحسن المنظر.
قال عبد الرزاق : أخبرنا معمر ، أخبرني إسماعيل بن أبي سعيد قال : إن عكرمة مولى ابن عباس رضي الله عنهما أخبره أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «إن أدنى أهل الجنة منزلة وأسفلهم درجة لرجل لا يدخل الجنة بعده أحد ، يفسح له في بصرة مسيرة مائة عام في قصور من ذهب وخيام من لؤلؤ ليس فيها موضع شبر إلا معمور يغدى عليه ويراح بسبعين ألف صحفة من ذهب ، ليس فيها صحفة إلا فيها لون ليس في الأخرى مثله ، شهوته في آخرها كشهوته في أولها ، ولو نزل به جميع أهل الأرض لوسع عليهم مما أعطي لا ينقص ذلك مما أوتي شيئا» (٢).
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين بن الجنيد ، حدثنا عمرو بن سواد السرحي ، حدثني عبد الله بن وهب عن ابن لهيعة عن عقيل بن خالد عن الحسن عن أبي هريرة رضي الله عنه أن أبا أمامة رضي الله عنه حدث أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم حدثهم وذكر الجنة فقال : «والذي نفس محمد بيده ، ليأخذن أحدكم اللقمة فيجعلها في فيه ، ثم يخطر على باله طعام آخر فيتحول الطعام الذي في فيه على الذي اشتهى» ثم قرأ رسول الله صلىاللهعليهوسلم (وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ
__________________
(١) انظر تفسير الطبري ١١ / ٢٠٩.
(٢) انظر الحديث في الدر المنثور ٥ / ٧٣٢.