وأنا رافع غصنا من أغصانها عن رأسه ، ونحن أربع عشرة مائة ، قال : ولم نبايعه على الموت ولكن بايعناه على أن لا نفر. وقال البخاري (١) : حدثنا المكي بن إبراهيم عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال : بايعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم تحت الشجرة. قال يزيد : قلت يا أبا مسلمة على أي شيء كنتم تبايعون يومئذ؟ قال : على الموت.
وقال البخاري (٢) أيضا : حدثنا أبو عاصم! حدثنا يزيد بن أبي عبيد عن سلمة رضي الله عنه قال : بايعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوم الحديبية ، ثم تنحيت فقال صلىاللهعليهوسلم : «يا سلمة ألا تبايع؟» قلت : قد بايعت ، قال صلىاللهعليهوسلم : «أقبل فبايع». فدنوت فبايعته ، قلت : علام بايعته يا سلمة؟ قال : على الموت. وأخرجه مسلم (٣) من وجه آخر عن يزيد بن أبي عبيد ، وكذا روى البخاري عن عباد بن تميم أنهم بايعوه على الموت.
وقال البيهقي : أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو الفضل بن إبراهيم ، حدثنا أحمد بن سلمة ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، حدثنا أبو عامر العقدي ، حدثنا عبد الملك بن عمرو ، حدثنا عكرمة بن عمار اليمامي عن إياس بن سلمة عن أبيه سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال : قدمنا الحديبية مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ونحن أربع عشرة مائة ، وعليها خمسون شاة لا ترويها ، فقعد رسول الله صلىاللهعليهوسلم على جباها يعني الركي (٤) ، فإما دعا وإما بصق فيها فجاشت فسقينا واستقينا. قال : ثم إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم دعا إلى البيعة في أصل الشجرة ، فبايعته أول الناس ثم بايع وبايع حتى إذا كان في وسط الناس قال صلىاللهعليهوسلم : «بايعني يا سلمة قال : فقلت يا رسول الله : قد بايعتك في أول الناس قال صلىاللهعليهوسلم : «وأيضا» قال ورآني رسول الله صلىاللهعليهوسلم : عزلا (٥) فأعطاني حجفة أو درقة (٦) ، ثم بايع حتى إذا كان في آخر الناس ، قال صلىاللهعليهوسلم : «ألا تبايع يا سلمة؟» قال : قلت يا رسول الله قد بايعتك في أول الناس وأوسطهم ، قال صلىاللهعليهوسلم : «وأيضا» فبايعته الثالثة ، فقال رسول اللهصلىاللهعليهوسلم : «يا سلمة أين حجفتك أو درقتك التي أعطيتك؟» قال : قلت يا رسول الله لقيني عامر عزلا فأعطيتها إياه فضحك رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثم قال : «إنك كالذي قال الأول اللهم ابغني حبيبا هو أحب إلي من نفسي».
قال : ثم إن المشركين من أهل مكة راسلونا في الصلح حتى مشى بعضنا في بعض فاصطلحنا. قال : وكنت خادما لطلحة بن عبيد الله رضي الله عنه أسقي فرسه وأحسّه وآكل من
__________________
(١) كتاب الجهاد باب ١١٠.
(٢) كتاب الأحكام باب ٤٣.
(٣) كتاب الإمارة حديث ٨٠.
(٤) الركي : البئر ، وجباها : ما حولها.
(٥) الأعزل : الذي ليس معه سلاح.
(٦) الحجفة : ترس صغير ، والدرقة : نوع من التروس.