عنه كلمة سمعها معاوية رضي الله عنه من رسول الله صلىاللهعليهوسلم نفعه الله تعالى بها ، ورواه أبو داود (١) منفردا به من حديث الثوري به.
وقال أبو داود أيضا : حدثنا سعيد بن عمرو الحضرمي ، حدثنا إسماعيل بن عياش ، حدثنا ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيد عن جبير بن نفير وكثير بن مرة ، وعمرو بن الأسود والمقدام بن معد يكرب وأبي أمامة رضي الله عنهم عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «إن الأمير إذا ابتغى الريبة في الناس أفسدهم» (٢).
(وَلا تَجَسَّسُوا) أي على بعضكم بعضا والتجسس غالبا يطلق في الشر ومنه الجاسوس. وأما التحسس فيكون غالبا في الخير كما قال عزوجل إخبارا عن يعقوب أنه قال (يا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ) [يوسف : ٨٧] وقد يستعمل كل منهما في الشر كما ثبت في الصحيح أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «لا تجسسوا ولا تحسسوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ، وكونوا عباد الله إخوانا» وقال الأوزاعي : التجسس البحث عن الشيء. والتحسس الاستماع إلى حديث القوم وهم له كارهون أو يستمع على أبوابهم ، والتدابر : الصرم ، رواه ابن أبي حاتم عنه.
وقوله تعالى : (وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً) فيه نهي عن الغيبة ، وقد فسرها الشارع كما جاء في الحديث الذي رواه أبو داود : حدثنا القعنبي ، حدثنا عبد العزيز بن محمد عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة قال : قيل يا رسول الله ما الغيبة؟ قال صلىاللهعليهوسلم : «ذكرك أخاك بما يكره» قيل : أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال صلىاللهعليهوسلم إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته ، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته» (٣) ورواه الترمذي عن قتيبة عن الدراوردي به وقال : حسن صحيح. ورواه ابن جرير عن بندار عن غندر عن شعبة عن العلاء. وهكذا قال ابن عمر رضي الله عنهما ومسروق وقتادة وأبو إسحاق ومعاوية بن قرة. وقال أبو داود : حدثنا مسدد ، حدثنا يحيى عن سفيان ، حدثني علي بن الأقمر عن أبي حذيفة عن عائشة رضي الله عنها قالت : قلت للنبيصلىاللهعليهوسلم حسبك من صفية كذا وكذا. قال غير مسدد : تعني قصيرة ، فقال صلىاللهعليهوسلم : «لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته» قالت : وحكيت له إنسانا فقال صلىاللهعليهوسلم : «ما أحب أني حكيت إنسانا وإن لي كذا وكذا» (٤) ورواه الترمذي من حديث يحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدي ووكيع ثلاثتهم عن سفيان الثوري ، عن علي بن الأقمر عن أبي حذيفة سلمة بن صهيب الأرحبي عن عائشة رضي الله عنها به وقال : حسن صحيح.
__________________
(١) كتاب الأدب باب ٣٧.
(٢) أخرجه أبو داود في الأدب باب ٣٧ ، وأحمد في المسند ٦ / ٤.
(٣) أخرجه أبو داود في الأدب باب ٣٥ ، ومسلم في البر حديث ٧٠ ، والترمذي في البر باب ٢٣.
(٤) أخرجه أبو داود في الأدب باب ٣٥ ، والترمذي في القيامة باب ٥١ ، وأحمد في المسند ٦ / ١٨٩.