الشمس وقبل الغروب.
وقد قال الإمام أحمد (١) : حدثنا وكيع ، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن جرير بن عبد الله رضي الله عنهما قال : كنا جلوسا عند النبي صلىاللهعليهوسلم فنظر إلى القمر ليلة البدر فقال : «أما إنكم ستعرضون على ربكم فترونه كما ترون هذا القمر لا تضامون فيه ، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا» ثم قرأ (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ) (٢) ورواه البخاري ومسلم وبقية الجماعة من حديث إسماعيل به.
وقوله تعالى : (وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ) أي فصل له كقوله : (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً) [الإسراء : ٧٩] (وَأَدْبارَ السُّجُودِ) قال ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما : هو التسبيح بعد الصلاة.
ويؤيد هذا ما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال : جاء فقراء المهاجرين فقالوا : يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالدرجات العلى والنعيم المقيم ، فقال النبيصلىاللهعليهوسلم : «وما ذاك؟» قالوا : يصلون كما نصلي ، ويصومون كما نصوم ، ويتصدقون ولا نتصدق ، ويعتقون ولا نعتق. قال صلىاللهعليهوسلم : «أفلا أعلمكم شيئا إذا فعلتموه سبقتم من بعدكم ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من فعل مثل ما فعلتم؟ تسبحون وتحمدون وتكبرون دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين» قال : فقالوا يا رسول الله سمع إخواننا أهل الأموال بما فعلنا ففعلوا مثله. فقالصلىاللهعليهوسلم : «ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء» (٣) والقول الثاني أن المراد بقوله تعالى : (وَأَدْبارَ السُّجُودِ) هما الركعتان بعد المغرب روي ذلك عن عمر وعلي وابنه الحسن وابن عباس وأبي هريرة وأبي أمامة رضي الله عنهم وبه يقول مجاهد وعكرمة والشعبي والنخعي والحسن وقتادة وغيرهم.
قال الإمام أحمد (٤) حدثنا وكيع وعبد الرحمن عن سفيان عن أبي إسحاق ، عن عاصم بن ضمرة عن علي رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يصلي على أثر كل صلاة مكتوبة ركعتين إلا الفجر والعصر ، وقال عبد الرحمن دبر كل صلاة. ورواه أبو داود والنسائي من حديث
__________________
(١) المسند ٤ / ٣٦٥ ، ٣٦٦.
(٢) أخرجه البخاري في تفسير سورة ٥٠ ، باب ٢ ، ومسلم في المساجد حديث ٢١١ ، وأبو داود في السنة باب ١٩ ، والترمذي في الجنة باب ١٦ ، ١٧ ، وابن ماجة في المقدمة باب ١٣.
(٣) أخرجه البخاري في الأذان باب ١٥٥ ، والدعوات باب ١٧ ، ومسلم في المساجد حديث ١٤٢ ، والزكاة حديث ٥٣ ، وأبو داود في الوتر باب ٢٤ ، وابن ماجة في الإقامة باب ٣٢ ، والدارمي في الصلاة باب ٩٠ ، وأحمد في المسند ٢ / ٢٣٨ ، ٥ / ١٦٧ ، ١٦٨.
(٤) المسند ١ / ١٢٤.