الشواظ الدخان ، وقال مجاهد : هو اللهب الأخضر المنقطع ، وقال أبو صالح : الشواظ هو اللهيب الذي فوق النار ودون الدخان. وقال الضحاك (شُواظٌ مِنْ نارٍ) سيل من نار. وقوله تعالى : (وَنُحاسٌ) قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس (وَنُحاسٌ) دخان النار ، وروي مثله عن أبي صالح وسعيد بن جبير وأبي سنان.
وقال ابن جرير (١) : والعرب تسمي الدخان نحاسا ، بضم النون وكسرها ، والقراء مجمعة على الضم ، ومن النحاس بمعنى الدخان قول نابغة جعدة : [المتقارب]
يضيء كضوء سراج السّليط |
|
لم يجعل الله فيه نحاسا (٢) |
يعني دخانا هكذا قال ، وقد روى الطبراني من طريق جويبر عن الضحاك أن نافع بن الأزرق سأل ابن عباس عن الشواظ فقال : هو اللهب الذي لا دخان معه ، فسأله شاهدا على ذلك من اللغة ، فأنشده قول أمية بن أبي الصلت في حسان : [الوافر]
ألا من مبلغ حسّان عني |
|
مغلغلة تدب إلى عكاظ (٣) |
أليس أبوك فينا كان قينا |
|
لدى القينات فسلا في الحفاظ |
يمانيّا يظل يشدّ كيرا |
|
وينفخ دائبا لهب الشّواظ |
قال : صدقت فما النحاس؟ قال : هو الدخان الذي لا لهب له ، قال : فهل تعرفه العرب؟ قال : نعم ، أما سمعت نابغة بني ذبيان يقول : [المتقارب]
يضيء كضوء سراج السليط |
|
لم يجعل الله فيه نحاسا (٤) |
وقال مجاهد : النحاس الصفر يذاب فيصب على رؤوسهم ، وكذا قال قتادة ، وقال الضحاك : ونحاس سيل من نحاس ، والمعنى على كل قول لو ذهبتم هاربين يوم القيامة لردتكم الملائكة والزبانية بإرسال اللهب من النار ، والنحاس المذاب عليكم لترجعوا ، ولهذا قال : (فَلا تَنْتَصِرانِ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ).
(فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ (٣٧) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٣٨) فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ (٣٩) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٤٠) يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي
__________________
(١) تفسير الطبري ١١ / ٥٩٧.
(٢) البيت للنابغة الجعدي في ديوانه ص ٨١ ، وجمهرة اللغة ص ٥٣٦ ، ولسان العرب (نحس) ، (سلط) ، وتاج العروس (نحس) ، (سلط) والكامل ص ٤٧٧ ، والشعر والشعراء ص ٣٠٢ ، ولنابغة بني ذبيان في تفسير الطبري ١١ / ٥٩٨ ، وبلا نسبة في كتاب العين ٣ / ١٤٤ ، وتهذيب اللغة ٤ / ٣٢٠.
(٣) البيت الأول لأمية بن خلف الخزاعي في المقاصد النحوية ٤ / ٥٦٣ ، وبلا نسبة في شرح الأشموني ٣ / ٨٠٧ ، والبيتان الثاني والثالث لأمية بن خلف في لسان العرب (شوظ) ، وتاج العروس (شوظ)
(٤) تقدم قبل قليل مع تخريجه ، وقد نسبه ابن كثير قبل للنابغة الجعدي وهو الصحيح.