يقول تعالى مخبرا أنه وهب لداود سليمان أي نبيا كما قال عزوجل : (وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ) [النمل : ١٦] أي في النبوة وإلا فقد كان له بنون غيره فإنه قد كان عنده مائة امرأة حرائر. وقوله تعالى : (نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) ثناء على سليمان بأنه كثير الطاعة والعبادة والإنابة إلى الله عزوجل. قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا عمرو بن خالد حدثنا الوليد حدثنا ابن جابر حدثنا مكحول قال لما وهب الله تعالى لداود سليمان قال له يا بني ما أحسن؟ قال سكينة الله وإيمان؟ قال فما أقبح؟ قال كفر بعد إيمان قال فما أحلى ، قال روح الله بين عباده قال فما أبرد؟ قال عفو الله عن الناس وعفو الناس بعضهم عن بعض قال داود عليهالسلام فأنت نبي.
وقوله تعالى : (إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِناتُ الْجِيادُ) أي إذ عرض على سليمان عليه الصلاة والسلام في حال مملكته وسلطانه الخيل الصافنات قال مجاهد وهي التي تقف على ثلاث وطرف حافر الرابعة والجياد السراع وكذا قال غير واحد من السلف.
وقال ابن جرير (١) حدثنا محمد بن بشار حدثنا مؤمل حدثنا سفيان عن أبيه سعيد بن مسروق عن إبراهيم التيمي في قوله عزوجل : (إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِناتُ الْجِيادُ) قال كانت عشرين فرسا ذات أجنحة كذا رواه ابن جرير.
وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو زرعة حدثنا إبراهيم بن موسى حدثنا ابن أبي زائدة أخبرني إسرائيل عن سعيد بن مسروق عن إبراهيم التيمي قال كانت الخيل التي شغلت سليمان عليه الصلاة والسلام عشرين ألف فرس فعقرها وهذا أشبه ، والله أعلم ، وقال أبو داود (٢) حدثنا محمد بن عوف حدثنا سعيد بن أبي مريم أخبرنا يحيى بن أيوب حدثنا عمارة بن غزية أن محمد بن إبراهيم حدثه عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة رضي الله عنها قالت قدم رسول الله صلىاللهعليهوسلم من غزوة تبوك أو خيبر وفي سهوتها (٣) ستر فهبت الريح فكشفت ناحية الستر عن بنات لعائشة رضي الله عنها لعب فقال صلىاللهعليهوسلم : «ما هذا يا عائشة؟» قالت رضي الله عنها بناتي ورأى بينهن فرسا له جناحان من رقاع (٤) فقال صلىاللهعليهوسلم : «ما هذا الذي أرى وسطهن؟» قالت رضي الله عنها فرس ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «وما هذا الذي عليه؟» قالت رضي الله عنها جناحان قال رسول اللهصلىاللهعليهوسلم «فرس له جناحان؟» قالت رضي الله عنها أما سمعت أن سليمان عليه الصلاة والسلام كانت له خيل لها أجنحة قالت رضي الله عنها فضحك صلىاللهعليهوسلم حتى رأيت نواجذه.
__________________
(١) تفسير الطبري ١٠ / ٥٧٨.
(٢) كتاب الأدب باب ٥٤.
(٣) السهودة : بيت صغير منحدر في الأرض قليلا ، شبيه بالمخدع والخزانة ، وقيل : هو كالصفة تكون بين يدي البيت ، وقيل : شبيه بالرف أو الطاق يوضع فيه الشيء.
(٤) جناحان من رقاع : أي جناحان من جلد.