فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ* ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ) (١).
روى علي بن إبراهيم ، والعياشي ، في تفسيريهما ، عن مولانا الرضا عليهالسلام : أنّ «هذه أرض الدنيا ، والسماء الدنيا فوقها قبّة ، والأرض الثانية فوق السماء الدنيا ، والسماء الثانية فوقها قبّة ، وهكذا ـ إلى أن قال : ـ والسماء السابعة فوق الأرض السابعة قبّة ، وعرش الرحمن تبارك وتعالى فوق السماء السابعة ، وهو قول الله تعالى : (الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَ) (٢)» (٣).
أقول : كأنه عليهالسلام جعل كلّ سماء أرضا بالإضافة إلى ما فوقها ، وسماء بالنسبة إلى ما تحتها ، ويكون التعدد باعتبار تعدد سطحيهما.
والعرش في لسان العرب قد يطلق ويراد به الملك ، يقال : ثلّ عرش الملك إذا دخل في ملكه خلل ، وقد يطلق ويراد به السرير ، كما هو معروف.
والكرسي في لسانهم قد يطلق ويراد به العلم ، وقد يطلق ويراد به السرير ، وعلى الثاني يرادف العرش بالمعنى الثاني ، ولهذا اكتفى بذكر أحدهما عن الآخر في الحديث المذكور في مقام تعداد الأجرام.
وعلى المعنى الأوّل هو من المعاني ليس من الأجسام ، إلّا باعتبار اتحاد العلم بالمعلوم ، فهو من وجه هو الجرم ، ومن وجه هو العلم ، وكذلك العرش من وجه هو جملة الخلق والأمر من حيث وحدته ، ومن وجه هو العلم المحيط
__________________
(١) ـ سورة الملك ، الآية ٣ و ٤.
(٢) ـ سورة الطلاق ، الآية ١٢.
(٣) ـ لم أعثر عليه في تفسير العيّاشي ، بل عثرت عليه في تفسير القمّي : ٢ : ٣٢٨ ، باختلاف يسير ؛ ومجمع البيان : ١٠ : ٥٠ ، عن العيّاشي.