ووضعه في الجهة الّتي يراد أن يتحرّك إليها ذلك العضو.
ثمّ ينبت من الطرف الّذي يلي العضو المتحرّك من طرفي العضلة شيء يسمى وترا ، وهو جسم مركّب من العصب الآتي إلى ذلك العضو ، ومن الرباط النابت من العظام ، وقد خلص من اللحم فيمرّ حتّى يتصل بالعضو الّذي يريد تحريكه بالطرف الأسفل ، فيلتئم بهذا التدبير أن يعرض قليل تشنّج للعضلة نحو أصلها بجذب الوتر جذبا قويا ، وأن يتحرك العضو بكليته ؛ لأنّ الوتر متّصل منه بطرفه الأسفل وقد تتعدد الأوتار لعضل واحد إذا كان كبيرا ، وربما تعاونت عدة عضل على تحريك عضو واحد ، وربما لا يكون للعضل وتر ؛ لصغره جدا.
وكلّ عضو يتحرك حركة إرادية فإنّ له عضلة بها تكون حركته ، فإن كان يتحرك إلى جهات متضادّة كانت له عضلات متضادّة المواضع ، تجذبه كلّ واحدة منها إلى ناحيتها عند كون تلك الحركة ، وتمسك المضادة لها عن فعلها ، وإن عملت المتضادّتان في وقت واحد استوى العضو ، وتمدد وقام ، مثلا الكف إذا مدّها العضل الموضوع في باطن الساعد انثنت ، وإن مدّها العضل الموضوع في ظهره رجعت إلى خلف ، وإن مدّها جميعا استوت وقامت بينهما.
ثم إنّ مبدأ الحسّ والحركة جميعا في الأعضاء قد يكون عصبة واحدة ، وقد يكون اثنتان ، ومبدئية العصب للحسّ والحركة إنّما هو بسبب حمله للملك الحاس والمحرّك من جهة الروح النورية المنبثّة فيه من الدماغ ، فالملك اللّامس ، المسمّى عند الجمهور بالقوّة اللّامسة ، منبثّ في جملة جلد البدن وأكثر اللحم والغشاء ، وغير ذلك ، بسبب انبثاث حامله الّذي هو الروح ، إلّا ما يكون عدم الحس أنفع له ، كالكبد والطحال ، والكلية ، والرئة ، والعظم.
ويدرك هذا الملك الكيفيات الأربع الأول ، والخفّة ، والثقل ، والملاسة ،