هو قوله تعالى : (وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ) (١) ، ذاك الّذي يفارقه» (٢).
وروى محمّد بن الحسن الصفّار ، في كتاب بصائر الدرجات ، بإسناده عن جابر ، قال : سألت أبا جعفر عليهالسلام عن الروح ، قال : «يا جابر إنّ الله خلق الخلق على ثلاث طبقات ، وأنزلهم ثلاث منازل ، وبيّن ذلك في كتابه ، حيث قال : (فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ* وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ* وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ* أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) (٣) فأما ما ذكرت من السابقين فهم أنبياء مرسلون ، وغير مرسلين ، جعل الله فيهم خمسة أرواح ، روح القدس ، وروح الإيمان ، وروح القوّة ، وروح الشهوة ، وروح البدن ، وبيّن ذلك في كتابه ، حيث قال : (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ) (٤) ، ثمّ قال في جميعهم : (وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ) ، فبروح القدس بعثوا أنبياء مرسلين ، وغير مرسلين ، وبروح القدس علموا جميع الأشياء ، وبروح الإيمان عبدوا الله ، ولم يشركوا به شيئا ، وبروح القوّة جاهدوا عدوّهم ، وعالجوا معايشهم ، وبروح الشهوة أصابوا لذّة الطعام ، ونكحوا الحلال من النساء ، وبروح البدن يدبّ ويدرج.
وأمّا ما ذكرت من أصحاب الميمنة فهم المؤمنون حقا ، جعل فيهم أربعة أرواح : روح الإيمان ، وروح القوّة ، وروح الشهوة ، وروح البدن ، ولا يزال العبد
__________________
(١) ـ سورة المجادلة ، الآية ٢٢.
(٢) ـ الكافي : ٢ : ٢٨٠ ، ح ١١.
(٣) ـ سورة الواقعة ، الآية ٨ ـ ١١.
(٤) ـ سورة البقرة ، الآية ٢٥٣.