وأيضا إمّا أن يكون تجرّد هذه الصور عن موادّ هذا العالم وعوارضها لذاتها ، أو لما أخذت هي منه ، أو من جهة الأخذ ، والأوّل يوجب الاتفاق ، فما كان شيء منها تقترنه هذه اللواحق في العين ؛ لأنّ ما بالذات لا يتخلف ، والثاني يكون تناقضا ، فبقي الأخير ، فلم يكن هذا الوجود له وجود أمر في جسم ، أو جسماني (١).
فالقوّة الخيالية ـ إذن ـ مجردة عن المواد ، وإن كان لها نوع تعلّق ببعض مواضع البدن ، بواسطة تعلّقها بالروح النفساني ، الّذي يتكوّن منه الدماغ أولا ، ثمّ يسري بواسطة الأعصاب والأوردة في جميع مواضع البدن ، عاليها وسافلها ، على حسب تفاوتها في القبول.
وصل
وإلى هذا التجرد للنفس أشار مولانا الصادق عليهالسلام ، فيما روي عنه في الكافي : «إنّ أرواح المؤمنين في الجنة على هيئة أجسادهم» (٢).
وفي رواية : «إنهم على صور أبدانهم ، لو رأيته لقلت : فلان» (٣).
وروى الشيخ الطبرسي في كتاب الاحتجاج ، عنه عليهالسلام أيضا ، أنه قال : «الروح لا توصف بثقل ، ولا خفّة ، وهي جسم رقيق قد ألبس قالبا كثيفا ، فهي
__________________
(١) ـ أنظر : الشواهد : ٢١٠.
(٢) ـ لم أعثر عليه بهذا النص في الكافي ، وإنما الموجود في الكافي : ٣ : ٢٤٤ ، ح ١ : عن أبي ولّاد ، عن أبي عبد الله عليهالسلام : ... فقال : لا ، المؤمن أكرم على الله من أن يجعل روحه في حوصلة طير ، ولكن في أبدان كأبدانهم. ونحوه في الكافي : ٣ : ٢٤٥ ، ح ٦.
(٣) ـ التهذيب : ١ : ٤٦٦ ، ح ١٧٢ ، مع اختلاف يسير.