بمنزلة الريح في الزق ، فإذا نفخت فيه امتلأ الزق منها ، فلا يزيد في وزن الزق ولوجها فيه ، ولا ينقصه خروجها منه ، وكذلك الروح ليس لها وزن ، ولا ثقل ، قيل : أفيتلاشى الروح بعد خروجه عن قالبه ، أم هو باق؟ قال : بل هو باق إلى وقت ينفخ في الصور ، فعند ذلك تبطل الأشياء ، وتفنى ، ولا حسّ ، ولا محسوس ، ثمّ أعيدت الأشياء كما بدأها مدبّرها ، وذلك أربعمائة سنة ، نسيت فيها الخلق ، وذلك بين النفختين» (١).
وقال أيضا : «إنّ الروح مقيمة في مكانها ، روح المحسن في ضياء وفسحة ، وروح المسيء في ضيق وظلمة ، والبدن يصير ترابا». الحديث (٢).
وروي أنه قال : «وبها يؤمر البدن وينهى ، ويثاب ، ويعاقب ، وقد تفارقه ، ويلبسها الله سبحانه غيره ، كما تقتضيه حكمته» (٣).
قوله عليهالسلام : «وقد تفارقه ويلبسها الله غيره» صريح في أنها مجردة عن البدن ، مستقلّة ، وأن ليس المراد بها الروح البخارية ، وأمّا إطلاق الجسم عليه ؛ فلأن نشأة الملكوت أيضا جسمانية ، من حيث الصورة ، وإن لم تكن مادية ، كما دريت.
وروى محمّد بن الحسن الصفّار ، في كتاب بصائر الدرجات ، بإسناده عن المفضل بن عمر ، عن مولانا الصادق عليهالسلام ، أنه قال : «مثل المؤمن وبدنه كجوهرة في صندوق ، إذا أخرجت الجوهرة منه طرح الصندوق ، ولم يعبأ به. قال : إن
__________________
(١) ـ الاحتجاج : ٢ : ٣٣٧ ـ ٣٥٢ ، ضمن المسائل الّتي وجّهها الزنديق إلى الإمام الصادق عليهالسلام.
(٢) ـ المصدر نفسه.
(٣) ـ ورد بمضمونه في كتاب المحتضر : ١١.