الأرواح لا تمازج البدن ، ولا تداخلها ، إنّما هي كالكلّ للبدن ، محيطة به» (١).
وفي الآيات القرآنية والأحاديث النبوية شواهد كثيرة ، وتنبيهات غير يسيرة على ذلك ، وكذلك في كلمات الحكماء والعلماء من الأولين والآخرين ، وعسى أن نقف على بعض الآيات والأخبار في ذلك عن قريب.
وصل
وممّا يدلّ على ذلك دلالة واضحة أن بدن الحيوان وأعضاءه دائم الذوبان والسيلان ؛ لعكوف الحرارة الغريزية على التحليل والتنقيص ، كما دريت ، وكذا غيرها من الأسباب ، كالأمراض الحارة ، والمسهلات ، وذاته منذ أوّل الصبا (٢) باقية ، فهو هو ، لا ببدنه.
ومن هذا يظهر أن هذية البدن من حيث هو بدن لهذه النفس إنّما هي بهذه النفس ، وإن تبدل تركيبه ، وكذا هذية الأعضاء كهذه اليد ، وهذا الإصبع ؛ إذ كلّها منحفظة الهوية تبعا لهوية النفس.
ويدلّ على هذا أيضا ما أفاده أستاذنا ـ دام ظله ـ وأشرنا إليه في الأصول : أن تقوّم كلّ شيء بصورته الكمالية ، ومبدأ فصله الأخير ، لا بأجناسه وفصوله العالية والمتوسطة ، إن كانت ، وكذا تشخّصه بنحو وجوده الخاص ، لا الأعراض المتبدّلة من صنف إلى صنف ، ومن نوع إلى نوع ، والشخص هو هو بعينه ، بل ذلك كله من اللوازم ، لا المقوّمات ، ويعتبر فيه على سبيل الإبهام ، دون الخصوص ؛
__________________
(١) ـ بصائر الدرجات : ٤٦٣ ، ح ١٢.
(٢) ـ الصبى (خ ل).