كيف ومن جملة ما يحضره الإنسان في باطنه صور مستهجنة من قبيل الدعابات الشيطانية ، وأضغاث الأحلام المخالفة لفعل الحكيم الّتي ليس منشؤها إلّا اعوجاج شيطان المتخيّلة ، والعوالي منزّهة عن إنشاء تلك الهذيانات.
وأيضا إنها إنّما تبقى بإبقاء النفس إيّاها واستخدامها المتخيّلة في تصويرها وثبتها ، فإذا أعرضت عنها انعدمت وزالت ، لا أنها مستمرة الوجود ، وهذا ظاهر بحمد الله.
وصل
ومن الآيات القرآنية قوله تعالى : (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ* فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ) (١).
وقوله سبحانه في حق آدم : (وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) (٢) ، وفي حق عيسى : (وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ) (٣) ، وهذه الإضافة تؤذن على شرف النفس ، وكونها عرية عن عالم الأجرام.
وقوله سبحانه : (ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ) (٤) ، وقوله تعالى : (يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ* ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ) (٥) ، والرجوع يدلّ على السابقة ، إلى غير ذلك.
__________________
(١) ـ سورة آل عمران ، الآية ١٦٩ و ١٧٠.
(٢) ـ سورة الحجر ، الآية ٢٩ ؛ وسورة ص ، الآية ٧٢.
(٣) ـ سورة النساء ، الآية ١٧١.
(٤) ـ سورة المؤمنون ، الآية ١٤.
(٥) ـ سورة الفجر ، الآية ٢٧ و ٢٨.