ومن الأحاديث النبوية ، قوله صلىاللهعليهوآله : «من عرف نفسه فقد عرف ربّه» (١) ، وقوله: «أعرفكم بنفسه أعرفكم بربّه» (٢) ، وقوله : «أنا النذير العريان» (٣) ، وقوله : «أبيت عند ربّي يطعمي ويسقيني» (٤) ، إلى غير ذلك ، وهي كثيرة.
فصل
إنك بعد ما سمعت هذه الدلائل والكلمات ، والتي أسلفناها من قبل ، لا أظنك إلّا متحدّسا ، ومتحقّقا بأن النفس ليست مفارقة عن البدن كلّ المفارقة ، بحيث لا تكون لها جهة اتحاد معه أصلا ، بل هذا التجرّد الّذي أثبتناه لها إنّما هو لمرتبة من مراتبها المسماة بالقوّة المتخيّلة ، أو العاقلة ، إن كانت لها عاقلة ، وكلتاهما مرتبة غيبتها عن البدن ، وقواه فإنّها ذات مراتب ودرجات ، ولها انتقالات ، وتنزّلات إلى درجة القوى والآلات من غير نقص يلحقها ، فإنّ البدن كظل لنورها ، لا استقلال له في الوجود ، كما لا استقلال له في الحركة الإرادية.
وأمّا ما يتحرك بالحركة الطبيعية عند السقوط من السطح فهو بالحقيقة خارج عن البدن ، من حيث هو بدن ، فإنّ للبدن الحقيقي لطيفة جسمانية حارّة ، هي تتصرّف فيه أولا وبالذات ، وهذا الكثيف كأنه قشر لذلك ، كما مرّ بيانه مفصلا.
فمن جسّم النفس الإنسانية ـ كأتباع جالينوس (٥) ـ فما عرفها ، ومن
__________________
(١) ـ عوالي اللئالي : ٤ : ١٠٢ ، ح ١٤٩.
(٢) ـ روضة الواعظين : ١ : ٢٠.
(٣) ـ كنز العمال : ١ : ١٨٠ رقم ٩١٤.
(٤) ـ عوالي اللئالي : ٢ : ٢٣٣.
(٥) ـ تقدّمت ترجمته في هذا الكتاب ص؟؟؟؟.