(وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ) (١) ، على أن يكون «أنهم» استئنافا قائما مقام الرجوع ، كما دل عليه كلام لأمير المؤمنين عليهالسلام (٢).
ثم هذه الاستكمالات والترقّيات للنفس الّتي يبطل بها التناسخ ، هي بعينها ضرب من التناسخ حقّ ، وعليها يحمل النقل الصعودي المنقول عن الأقدمين ، كما يحمل النقل النزولي على انتقال النفس من هذا البدن إلى بدن أخروي ، مناسب لصفاتها ، وأخلاقها المكتسبة في الدنيا ، كما مرّت الإشارة إليه من أن النفس في الآخرة تظهر بصورة ما ، غلبت عليها صفاته من الحيوانات ، والشياطين ، وعليه أيضا تحمل الآيات والأخبار الّتي تشبّث بها أصحاب هذا الرأي السخيف.
قال في الفتوحات ـ بعد ما ذكر أحوال الصور وشكل القرآن ـ : ومن هنا زلّ القائلون بالتناسخ ، لما رأوا وسمعوا أن الأنبياء قد نبّهوا على انتقال الروح إلى هذه الصور البرزخية ، وتكون فيها على صور أخلاقها ، ورأوا تلك الأرواح في الحيوانات ، تخيّلوا في قول الأنبياء والرسل عليهمالسلام ، والعلماء ، أن ذلك راجع إلى هذه الحيوانات الّتي في دار الدنيا ، وأنها ترجع إلى التخليص ، وذكروا ما علمت من مذهبهم فأخطأوا في النظر والتأويل جميعا. انتهى (٣).
وهذا الانتقال يكون للنفس وهي في الدنيا بعد ، ويسمى مسخا ، وهو على قسمين:
أحدهما : مسخ الباطن من غير أن تظهر صورته في الظاهر ، فترى الصور
__________________
(١) ـ سورة الأنبياء ، الآية ٩٥.
(٢) ـ أنظر : من لا يحضره الفقيه : ١ : ٤٢٧ ، ح ١٢٦٣.
(٣) ـ الفتوحات المكية : ٣ : ٦٦.