أناسي ، وفي الباطن غير تلك الصور ، بل صور أخرى على حسب نيّاتهم وأعمالهم المتكررة الموجبة لحصول ملكات نفسانية ، تصدر عنهم بسببها الأفعال المناسبة لها بسهولة ، من صورة ملك ، أو شيطان ، أو كلب ، أو خنزير ، أو غير ذلك من حيوان مناسب لما يكون الباطن عليه.
وإليه أشار نبينا صلىاللهعليهوآله ، حيث قال في صفة قوم من أمته : «إخوان العلانية ، أعداء السريرة ، ألسنتهم أحلى من العسل ، وقلوبهم قلوب الذئاب ، يلبسون للناس جلود الضأن ، من اللين». الحديث (١).
وأصحاب البصائر يرون تلك الصور في الدنيا أيضا ، يعرفون كلا بسيماهم ، ولقد كثر هذا في زماننا ، فجلّهم ـ إذا فكّرت فيهم ـ حمير ، أو كلاب ، أو ذئاب.
وفي تفسير الإمام أبي محمّد العسكري عليهالسلام : قال علي بن الحسين عليهماالسلام وهو واقف بعرفات للزهري : كم تقدر هاهنا من الناس؟ قال : قدر أربعة ألف ألف وخمسمائة ألف ، كلهم حجّاج ، قصدوا الله بآمالهم ، ويدعونه بضجيج أصواتهم ، فقال له : يا زهري ، أدن لي وجهك ، فأدناه إليه ، فمسح بيده وجهه ، ثمّ قال : أنظر ، فنظر إلى الناس ، قال الزهري : رأيت أولئك الخلق كلّهم قردة ، لا أرى فيهم إنسانا إلّا في كلّ عشرة آلاف واحدا من الناس ، ثمّ قال : أدن يا زهري ، فدنوت منه ، فمسح بيده وجهي ، ثمّ قال : أنظر ، فنظرت إلى الناس ، قال الزهري : فرأيت أولئك الخلق كلهم ذئبة ، إلّا تلك الخصائص من الناس نفرا يسيرا ، فقلت : بأبي أنت وأمي يابن رسول الله ، قد دهشتني آياتك ، وحيّرتني عجائبك ، قال : يا زهري ، وما الحجيج من هؤلاء إلّا النفر اليسير الّذين رأيتهم من هذا الخلق الجمّ الغفير ،
__________________
(١) ـ ورد قريب منه في قرب الاسناد : ١٥.