رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ) (١) ، قال : قلت : بلى ، قال : فلما أعطاه الله تلك الروح علم بها ، وكذلك هي إذا انتهت إلى عبد علم بها العلم ، والفهم (٢).
وروى الصدوق ، محمّد بن علي بن بابويه ، في كتاب معاني الأخبار ، عن محمد بن مسلم ، قال : سألت أبا جعفر عليهالسلام عن قول الله عزوجل : (وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) (٣) ، قال : روح اختاره الله ، واصطفاه ، وخلقه ، وأضافه إلى نفسه ، وفضّله على جميع الأرواح ، فنفخ منه في آدم (٤).
فصل
قال أستاذنا ـ دام ظلّه ـ : يشبه أن يكون الإنسان لكونه ذا درجات متفاوتة بدنا ، ونفسا ، صورة ، ومعنى ، بحسب كلّ وقت ومقام ، واقعا تحت تصرّف صاحب آخر ، وينتقل تخمير طينته وتربية صورته من يد إلى يد أخرى ، لملائكة الله الموكّلين بأمره من أهل الجبروت ، وعالم العقل ، ينقلونه بأيديهم إلى أن يتشرّف تخمير طينته بالوقوع في يدي الرحمن، فالأنسب أن يكون ربّ نوعه المسمى بروح القدس ، أو جبرئيل ، أو روانبخش ، أو غير ذلك ، مبدأ لجماعة كثيرة غير محصورة من العقول المترتبة الواقعة تحت حيطته وقاهريته ، نسبته إليها كنسبة الجوهر النطقي من الإنسان إلى بدنه ، وقواه الحيوانية والنباتية
__________________
(١) ـ سورة الشورى ، الآية ٥٢.
(٢) ـ بصائر الدرجات : ٤٥٩ ، ح ٣.
(٣) ـ سورة الحجر ، الآية ٢٩ ؛ وسورة ص ، الآية ٧٢.
(٤) ـ معاني الأخبار : ١٦ ، ح ١١ ، وفيه «فأمر فنفخ» بدل «فنفخ».