والطبيعية ، ويكون كلّ واحد من تلك العقول مربّيا لنوع من أنواع تلك القوى الكثيرة الغير المحصورة للإنسان الكامل.
ثم لو فرض أن إنسانا وقع له الارتقاء إلى مقام فوق مقامات هذه الملائكة ، الّذين كانوا يدبّرون أمره ويعطونه الحياة والفضيلة ، فيقع عند ذلك في تصرّف ملك آخر فوق هذا المسمى بالأسامي المذكورة ، وهكذا إلى أن لا تكون واسطة بينه وبين الحقّ ، كما وقع لنبيّنا ـ صلوات الله عليه وآله ـ في معراجه.
وربما كان الإنسان حال انسلاخ نفسه عن بدنه والأكوان وترقّيه في طبقات النفوس والعقول متصاعدا مارّا على العوالم طبقة بعد طبقة ، متّحدا بكلّ عقل ونفس ، اتحادا يفيده الانسلاخ عن جملة صفاته وأحواله الجزئية ، الّتي كان بكلّ منها تحت تربية عقل من العقول ، وتصريف مدبّر من المدبّرات ، وهكذا ، حتى يتحدان ، كمل معراجه بالعقل الأوّل ، فإذا كمل اتحاده بالعقل الأوّل تنسلخ منه جميع صفات الأكوان ، ونقائص الإمكان ، وهناك يحصل القرب الحقيقي ، ويصحّ له ـ بصفته الوجودية النورية ـ الأخذ عن الله ، والاستنارة من نوره ، بدون واسطة عقل ، أو نفس ، كما هو شأن نبيّنا ـ عليه وآله السلام ـ وشأن العقل الأوّل مع الحق.
ثم إذا رجع إلى مقام البشرية كان كما كان في بعض مقامات القربة قبل الفناء الأخير، مع زيادة سكينة ، ولذلك كان رسول الله صلىاللهعليهوآله يجمع بين الأخذ الأتم عن الله بواسطة العقل الأوّل ، والنفوس بموجب خاصية حكم إمكانه الباقي منه ، ووجوب كلّ فرد من أفراد العقول المترتبة طولا وعرضا ، وبين الأخذ عن الله بدون واسطة أصلا ، بحكم وجوبه.
وممّا يؤيّد ذلك ما أخبره صلىاللهعليهوآله في تفاوت مقاماته ، ودرجات أخذه عن