الله العلوم والكمالات ، فكان يخبر أحيانا أنه يأخذ عن جبرئيل ، وأن جبرئيل يأخذ عن ميكائيل ، وميكائيل عن إسرافيل ، وإسرافيل يأخذ عن الله ، ويخبر أحيانا أنه كان يأخذ عن ميكائيل ، بدون واسطة جبرئيل ، وأخبر أنه كان يلقي إليه أحيانا إسرافيل ، فيأخذ عنه دون واسطتهما ، وأخذ أحيانا عن الله ، من غير واسطة لأحد من الملائكة ، كما دلّ عليه قولهصلىاللهعليهوآله : «لي مع الله وقت ، لا يسعني فيه ملك مقرّب ، ولا نبيّ مرسل» (١).
وإن شئت أن تعرف معنى تأييد هذا الروح ، وفيضان هذا النور ، وكيفية تحصيل العقل بالفعل ، والرجوع إلى العالم العقلي ، والاتّصال به ، بل بما فوقه ، حقّ المعرفة فاستمع لما استفدناه من أستاذنا ـ سلّمه الله ـ وهو من تحقيقاته الشريفة.
فصل
قد دريت أن المدرك قبل الإدراك مدرك بالقوة ، كما أن مدركه مدرك بالقوة ، وكلاهما إنّما يصيران بالفعل بعد الإدراك ، والإدراك إنّما يكون باتّحاد ما بالمدرك ، بأن يصير المدرك صورة ذات المدرك ، فمعنى صيرورة العقل الهيولاني عقلا بالملكة ، أو العقل بالملكة عقلا بالفعل ، أنه حصلت في الذات العاقلة بالقوّة المعقولات الّتي انتزعتها عن المواد صائرة معقولات بالفعل ، وقد كانت من قبل أن ينتزع معقولات بالقوة ، كما كانت تلك الذات عاقلة بالقوة ، فهي الآن صارت صورا لتلك الذات الكاملة ، وتلك الذات إنّما صارت عقلا بالفعل
__________________
(١) ـ بحار الأنوار : ١٨ : ٣٦٠ ، ضمن البيان الّذي ذكره العلّامة المجلسي رحمهالله.