وهو محل الصور ، ومنبع الموجودات ، وما من موجود في العالم العقلي والعالم الحسي إلّا وفي ذات العنصر صورة ومثال عنه (١).
أقول : ويشهد لقوله هذا ما نقلناه فيما سبق عن مولانا زين العابدين عليهالسلام : أن في العرش تمثال جميع ما خلق الله في البر والبحر ، وإنه تأويل قوله عزوجل : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ) (٢) ، هذا إن أريد بالعرش العلم ، أو الملك ، دون الجسم ، وإن صحّ ذلك أيضا من وجه.
وقال أفلاطون (٣) الإلهي المعروف بالتوحيد والحكمة من اليونانيين : إنّ
__________________
(١) ـ الأسفار الأربعة : ٥ : ٢٠٧ و ٢٠٨ ، نقلا عن تالس الملطي.
(٢) ـ سورة الحجر ، الآية ٢١. وقد ذكر المؤلّف هذا الحديث في ص ٢٦٨ من الجزء الأوّل.
(٣) ـ ولد أفلاطون سنة «٤٢٧ ق. م» من أبوين أرستقراطيين ، لهذا نجده أرستقراطي الشرب ، رغم تأثّره بالمحيط ، وبمجتمعه ، وتربيته ، وتعليمه ، فجمهوريته جمهورية ارستقراطية ، ومع أنّه ينتقد الشعر والكهنوت والأساطير ، فهو شاعر ، وقد اضطرّ لحفظ جمهوريته من الانقلابات أن يستحلّ درج الأساطير الّتي تحفظ العامّة من الشقاق والانتفاضة على حكومته الجمهورية الأرستقراطية ، ونعثر في جمهوريته على الشيوعية والاشتراكية ، والتعليم الحرّ ، والتحليل النفسي ، وما قاله روسو بالعود إلى الطبيعة ، وما أورده نيتشه وبعض الكتّاب في الأدب والارستقراطية ، وبرغسن في التعليم الحر والدافع الحيوي وغيرهم. حتى قال أمرسن : إنّ أفلاطون هو الفلسفة ، والفلسفة هي أفلاطون ، فأحرقوا الكتب ، فكلّها من هذا الكتاب.
وتتألف جمهوريته من عشرة كتب ، في خمسة أقسام : ١ ـ بحثه في الأوّل عن العدالة. ٢ ـ الكتاب الثاني والثالث والرابع يبحث عن أركان الدولة ، وتعليم طبقة الحكّام ، وبه يحدّد المقصود من العدالة في الدولة تجاه الأفراد. ٣ ـ الكتاب الخامس والسادس والسابع بحث فيه عن الشيوعية ، والحكّام ، وأصول تعليمهم ومدارجهم. ٤ ـ الكتاب الثامن والتاسع بحث فيه عن تدهور الحكومة وأدوارها حتّى ينتهي لأعنفها ، وفيها الاستبداد الكامل ، وذلك ضدّ العدالة. ٥ ـ النتيجة ، وخلود النفس ، وجزاء الفضيلة يوم الدينونة.
أنظر ترجمته في : السقيفة أم الفتن : ٢٧ ، وفهرست ابن النديم : ٣٠٦.